القضاة تكتب : رفع الحد الأدنى للأجور .. وقصة أبو سليم والجمل الموعود
ديرتنا (خاص) – عمّان
رحاب القضاة
يبدو أنّ الشعب الأردني قد بدأ يُهيِّئ نفسه لاستقبال خبر رفع الحد الأدنى للأجور وكأنه خبرٌ سارٌّ طال انتظاره.
فمنذ عقودٍ والشعب يُمنّي النفس بتحسين ظروفه المعيشية، وما إن يبدأ الحديث عن رفع الحد الأدنى حتى تنتشر الابتسامات والتوقعات كالنار في الهشيم، وكأنّ كل شيء سيصبح “بالكيلو” بعد اليوم.
قصة أبو سليم والجمل الموعود
تُحكى في إحدى القرى الأردنية قصّة طريفة عن “أبو سليم”، ذلك الفلاح البسيط الذي وعده مختار القرية بجملٍ ليعينه في حراثة أرضه. كان المختار يماطل ويؤجل تنفيذ الوعد قائلًا:
“اصبر يا أبو سليم، الجمل في الطريق!” واستمرّ الحال على هذا المنوال سنواتٍ طويلة، وأبو سليم لا يتوقف عن ذكر الجمل الموعود في كل مجلس.
وذات يوم، قرر المختار أن يُسكت أبو سليم، فأرسل إليه حبلًا وقال: “خذ الحبل، وربّط به الجمل حين يصل!” أمسك أبو سليم بالحبل، وظلّ يجوب القرية فرحًا، معلنًا أنّ الجمل بات قريبًا، رغم أنه لم يرَ شيئًا حتى اللحظة.
رفع الأجور: جمل جديد للشعب؟
الشعب اليوم يشبه “أبو سليم” في قصته مع الجمل.
كلما سمعوا عن رفع الحد الأدنى للأجور، تبدأ الفرحة تتسلل إليهم، وينطلقون في حديث عن تحسين الأوضاع، زيادة الرواتب، والقدرة على شراء ما كانوا يحلمون به.
لكن في الحقيقة، هذه الزيادات إن تحققت، قد تُشبه “الحبل” الذي حصل عليه أبو سليم، بينما “الجمل” الحقيقي يبقى بعيدًا عن الأنظار.
تفاؤل رغم كل شيء
ورغم ذلك، لا يمكن إنكار أنّ الشعب الأردني يُتقن فنّ التفاؤل حتى في أحلك الظروف.
فرفع الحد الأدنى للأجور يُعتبر خطوة إيجابية مهما كان تأثيرها محدودًا، وربما يكون هذا القرار بادرة أمل لتحسين الظروف الاقتصادية تدريجيًا.
رسالة إلى المسؤولين
يا أصحاب القرار، الشعب لا يريد حبالًا تُربط بجِمالٍ لا تصل. ما يريده المواطن هو قرارات واقعية تُحسّن مستوى معيشته فعليًا، وتخفّف عنه أعباء الحياة اليومية. فهل سيكون رفع الحد الأدنى للأجور هذه المرة جملًا حقيقيًا أم مجرد حبلٍ آخر؟
في النهاية، دعونا نتفاءل، فلعلّ الجمل الموعود يقترب هذه المرة، ونعيش أيامًا أفضل، بعيدًا عن الحبال والوعود!