يَا دَوْلَةَ الرَّئِيسِ، شَفَافِيَّتُكَ فِي مُوَاجَهَةِ عُقَد الْجَمَارِكِ !
ديرتنا – عمّان – كتبت رحاب القضاة
دَوْلَةَ رَئِيسِ الْوُزَرَاءِ د. جَعْفَر حَسَّان الْمُحْتَرَم،
تَحِيَّةً مَلِيئَةً بِالْأَمَلِ وَالرَّجَاءِ، وَقَلِيلًا مِنَ “الدَّهْشَةِ”
الَّتِي بَاتَتْ عَادَةً يَوْمِيَّةً عِنْدَ قِرَاءَةِ الْأَخْبَارِ فِي الْأُرْدُنِّ.
فِي الْبِدَايَةِ، نَحْنُ الْأُرْدُنِّيِّينَ نَرَى فِيكَ الْخَيْرَ، وَنُؤْمِنُ أَنَّكَ أَهْلٌ لِلْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالشَّفَافِيَّةِ الَّتِي طَالَمَا نَادَيْتَ بِهَا.
وَلِهَذَا، جِئْنَا الْيَوْمَ نُحَمِّلُكَ أَمَانَةَ الْوُقُوفِ أَمَامَ قِصَّةِ
“الْجَمَارِكِ وَأَسْرَارِهَا”
تِلْكَ الَّتِي فَجَّرَهَا اللِّوَاءُ
جَلَالُ الْقُضَاةِ قَبْلَ أَنْ يُغْلِقَ الْبَابَ وَرَاءَهُ وَيُغَادِرَ الْمَشْهَدَ بِاسْتِقَالَةٍ حَافِلَةٍ بِالرِّسَائِلِ الْخَفِيَّةِ.
قِصَّةُ اسْتِقَالَةٍ تُشْبِهُ فِيلْمَ إِثَارَةٍ
مَا قَرَأْنَاهُ فِي إِدْرَاجِ اللِّوَاءِ الْقُضَاةِ عَنْ تَدَخُّلَاتِ الْوُزَرَاءِ فِي عَمَلِهِ، يَبْدُو وَكَأَنَّهُ مَشْهَدٌ مِنْ فِيلْمٍ دِرَامِيٍّ، حَيْثُ الْوُزَرَاءُ يَقِفُونَ بِأَطْقُمِهِمُ الرَّسْمِيَّةِ وَرَبْطَاتِ الْعُنُقِ الْفَاخِرَةِ، يُحَاوِلُونَ
“تَصْحِيحَ مَسَارِ الْجَمَارِكِ”
الَّتِي لَا تُعْجِبُ الرَّجُلَ الْقُضَاةُ بِشَهَامَتِهِ الْمِهْنِيَّةِ وَشَخْصِيَّتِهِ الَّتِي يَبْدُو أَنَّهَا لَا تُسَاوِمُ، اخْتَارَ أَنْ يُخْرَجَ مِنَ الْمَسْرَحِ قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى كُومْبَارِسَ فِي قِصَّةِ
“التَّدَخُّلَاتِ وَالْمَحْسُوبِيَّاتِ”.
دَوْلَةَ الرَّئِيسِ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ هَذِهِ الدِّرَامَا؟
يَا دَوْلَةَ الرَّئِيسِ، نَعْلَمُ أَنَّكَ مَشْغُولٌ بِالْعَدِيدِ مِنَ الْمِلَفَّاتِ الثَّقِيلَةِ.
وَلَكِنْ هَذِهِ الْقِصَّةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ “اسْتِقَالَةٍ عَادِيَّةٍ”.
إِنَّهَا رِسَالَةٌ وَاضِحَةٌ، وَبِالْأُرْدُنِّيِّ الْبَسِيطِ:
“فِي شَيْءٍ مِشْ مَزْبُوطٍ”.
تَصْرِيحَاتُ الْقُضَاةِ أَشْبَهُ بِإِطْلَاقِ صَافِرَةِ إِنْذَارٍ، أَوْ رُبَّمَا هُوَ يَقُولُ: “احْذَرُوا، هُنَاكَ قَنَابِلُ فَسَادٍ مُحْتَمَلَةٍ”.
فُكَاهَةُ هذه الْأَزَمَاتِ: وُزَرَاءٌ بِفَهْمُوا بِكُلِّ شِيءٍ!
تَخَيَّلْ يَا دَوْلَةَ الرَّئِيسِ، الْوُزَرَاءَ الَّذِينَ تَدَخَّلُوا فِي عَمَلِ دَائِرَةِ الْجَمَارِكِ، يَبْدُونَ وَكَأَنَّهُمْ خُبَرَاءُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، مِنَ الْجَمَارِكِ إِلَى الطَّقْسِ، وَمِنَ الْاِقْتِصَادِ إِلَى هَنْدَسَةِ الصَّوَارِيخِ.
كَيْفَ يُمْكِنُ لِشَخْصٍ غَيْرِ مُتَخَصِّصٍ أَنْ يَتَدَخَّلَ فِي عَمَلِ دَائِرَةٍ مُعَقَّدَةٍ، تُدِيرُ شَرَايِينَ الْاِقْتِصَادِ الْوَطَنِيِّ؟
لَوْ كَانَ هُنَاكَ جَائِزَةُ “أَفْضَلِ تَدَخُّلٍ عَشْوَائِيٍّ”، لَفَازَ بِهَا هَؤُلَاءِ بِلَا مُنَازِعٍ!
رِسَالَةٌ إِلَى دَوْلَتِكَ كُنْ مَعَنَا وَمَعَ الْحَقِّ
دَوْلَةَ الرَّئِيسِ
نَحْنُ مَعَكَ لِأَنَّنَا نُؤْمِنُ أَنَّكَ أَهْلٌ لِلْمَسْؤُولِيَّةِ.
وَلَكِنَّنَا نُرِيدُكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا، أَنْ تُظْهِرَ لَنَا أَنَّكَ تَسْمَعُ وَتُبْصِرُ وَتَتَصَرَّفُ.
لِمَاذَا لَا تَجْلِسُ مَعَ اللِّوَاءِ الْقُضَاةِ وَتَسْتَمِعُ إِلَيْهِ مُبَاشَرَةً؟
إِنْ كَانَ الرَّجُلُ عَلَى حَقٍّ، دَافِعْ عَنْهُ وَافْتَحْ مِلَفَّاتِ الْفَسَادِ دُونَ خَوْفٍ. وَإِنْ كَانَ عَلَى خَطَأٍ، فَأَعْلِنِ الْحَقِيقَةَ بِشَفَافِيَّةٍ.
الشَّفَافِيَّةُ لَيْسَتْ شِعَارًا يُعَلَّقُ عَلَى الْحَائِطِ، بَلْ هِيَ مَوَاقِفُ تُثْبَتُ فِي الْمَيْدَانِ. نُرِيدُ أَنْ نَرَاكَ تَأْخُذُ مَوْقِفًا يُجْعَلُ الْأُرْدُنِّيِّينَ يَقُولُونَ:
“هَذَا الرَّجُلُ مَعَنَا، لَا عَلَيْنَا”.
نَحْنُ نُدْرِكُ أَنَّ جَلَالَةَ الْمَلِكِ لَمْ يَضَعْ ثِقَتَهُ فِيكُمْ إِلَّا لِأَنَّكُمْ أَهْلٌ لَهَا، فَكُنُوا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّهِ، وَنَفِّذُوا رُؤَاهُ الَّتِي يَنْتَظِرُهَا بِشَغَفٍ مُنْذُ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ. أَقِيمُوا الْحَقَّ، وَتَحَمَّلُوا الْمَسْؤُولِيَّةَ بِشَجَاعَةٍ، فَهَذَا مَوْقِفٌ صَارِمٌ لَا يَحْتَمِلُ التَّرَاخِيَ وَلَا التَّسْوِيفَ.
يَا دَوْلَةَ الرَّئِيسِ
هَذِهِ الْقَضِيَّةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ اسْتِقَالَةٍ عَابِرَةٍ، بَلْ هِيَ نِدَاءٌ لَنَا جَمِيعًا لِنَقِفَ أَمَامَ الْحَقِيقَةِ بِشَجَاعَةٍ.
الْأُرْدُنِّيُّونَ يَتَطَلَّعُونَ إِلَى قِيَادَتِكُمْ فِي كَشْفِ الْحَقَائِقِ، وَتَصْحِيحِ الْمَسَارِ، وَضَمَانِ أَلَّا تَتَحَوَّلَ النَّزَاهَةُ إِلَى شِعَارٍ بِلَا مَعْنًى.
كُنْ مَعَ الْحَقِّ، كُنْ مَعَ الشَّفَافِيَّةِ، وَكُنْ مَعَ هَذَا الْوَطَنِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ قِيَادَةً تُعِيدُ ثِقَةَ النَّاسِ فِي مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ. نَحْنُ مَعَكُمْ، وَكُلُّنَا أَمَلٌ أَنْ تَكُونَ الْخُطُوَاتُ الْقَادِمَةُ مَحَطَّ فَخْرٍ لَنَا جَمِيعًا، وَدَرْسًا بِأَنَّ لَا أَحَدَ فَوْقَ الْمُسَاءَلَةِ.
* حقوق النشر محفوظة.. يُسمح بالنقل والإقتباس شريطة الإشارة للمصدر “ديرتنا الإخبارية” وإسم الكاتبة