مقالات

القضاة تكتب: بين بكب الاستعراض… ورقيب الاستئذان: من يربيك يفضحك ولو كنت صامتًا – صورة وفيديو

خاص لـ ديرتنا – عمّان – كتبت رحاب القضاة

مساءٌ أردنيّ معتاد فيه الشمس تغيب ولا تزال تؤدي واجبها بكل حياء، والناس بين مستعجل وشارب قهوته على الواقف وبين من فتح الراديو ليسمع آخر “هواش” على الدوار الخامس.
كان صديق لنا في طريقه إلى المطار يعيش لحظة من تلك اللحظات التي يصير فيها القلب طيارة… كان ذاهبًا ليستقبل ابنته العائدة من الغربة.
الحماس والشوق ،في أعلى درجاته.، الفرح؟ موزّع بين كل خلاياه.

لكنّ الحياة لا تُحب القصص الوردية كثيرًا، لا بدّ من “كركبة أخلاقية” على الطريق.
وفعلًا، عند أحد المفارق ظهرت أمامه أسطورة الطرق الأردنية الحديثة: سيارة “بكب فخم”، واقفة في وسط الشارع لا لشيء إلا لأن صاحبها قرر أن “يأخذ له لقطة مع سيارته” وكأن الشارع مستأجر لأغراض التصوير من Netflix.

اقترب صديقنا بلطف الكرام وسأل:“أخي ممكن تفسحلي الطريق؟”، لكن يبدو أن صاحبنا – ابن قبيلة لايشق لها غبار وهي فوق القانون “شوفوني وأنا معي بكب” – لم يكن مستعدًا للاحترام ،بل وقف وصرخ:“يلااااااااااااا روح من هون!!”،نعم هكذا بلا مقدمات ولا مؤخرات ، كأن الشارع مُلك له منذ أيام العثمانيين،صوت عالٍ جبهة مرفوعة وعضلات منتفخة – ليس احترامًا بل نفخة كاذبة مثل كيس شيبس نصفه هواء.

ولك أن تتساءل:
من أين خرج هؤلاء؟
هل الدولة قامت بتوزيع“بكبات” مع جرعات من قلة الذوق؟، أم أن هناك دورات تدريبية على كيفية التصرف كأنك فوق القانون وأكبر من الناس؟، أم أن المسألة أبسط من ذلك: هذا فقط مستوى التربية في المنزل الذي خرج منه ؟،ام ان قله الحياء هذه اجتهاد شخصي قالوا قديماً أولاد الملايح فضايح .

لكن القصة لم تنتهِ هنا لأن الحياة، كما تسلبك بعض الأخلاق تعيدها لك عند أول إشارة ضوئية.
اليوم وأنا في طريقي إلى الشميساني وقفت على الإشارةالضوية ، وإذ برقيب السير يقترب من نافذة مركبتي،  لا يحمل كاميرا لا يتدرب على عرض عضلاته لا يصرخ – بل يهمس بكل تهذيب الدنيا:“ممكن أطلع قدامك لو تكرّمتِ؟”

هذا مشهد يستحق أن يُعلّق في متاحف السلوك الحضاري.
رجل ببدلة رسمية، مسؤول عن تنظيم السير، لكنه يستأذن من سيدة تنتظر الإشارة، ما هذه الأخلاق؟ما هذا البيت الذي اخرّج لنا رجلًا يسبق لسانه خلقه؟

شتّان…بين من ربّته أمه على أن “الناس درجات حسب نوع سيارتهم” ،وبين من علّمته أمه أن الناس درجات حسب تواضعهم واحترامهم وكرامتهم.

و شتّان…بين “ راكب بكب” وبين ان “تربّى رجلًا”.

من يربيك يفضحك… حتى لو كنت ساكتا.فما بالك إن كنت تصرخ في الشارع وتتصوّر مع سيارتك؟!

إلى رقيب السير: رحم الله من ربّاك.
وإلى صاحب البكب: جرب توقف عند أقرب محل واشتري أخلاقًا… إن وُجدت على الرف.؟!!!

زر الذهاب إلى الأعلى