مصر تخفض إنارة الشوارع والمباني الحكومية بعد توقف إمدادات الغاز الإسرائيلي

ديرتنا- رصد- لمواجهة تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية خاصة على قطاع الطاقة، لجأت مصر إلى خطة لترشيد استهلاك الكهرباء.
وأرسلت شركات توزيع الكهرباء في مصر خطابات إلى المحافظات أكدت فيها صدور توجيهات من مجلس الوزراء ووزارة الكهرباء بترشيد الطاقة حفاظا على الوقود وضمانا لاستمرار التغذية الكهربائية.
وأعلنت المحافظات المصرية تبني خطة تحت شعار “استهلاكك على قدر احتياجك”، تهدف إلى رفع الوعي المجتمعي بأهمية الاستخدام الرشيد للطاقة، وتفادي اللجوء إلى فصل التيار الكهربائي خلال الفترة الحالية، في ظل التحديات الإقليمية والضغوط على شبكة الطاقة.
وتسعى الحملة إلى تعزيز السلوك الإيجابي لدى المواطنين فيما يخص استخدام الكهرباء، من خلال الترشيد الطوعي المدروس، بما يساهم في الحفاظ على استقرار الشبكة القومية للكهرباء، وضمان استمرار الخدمات دون انقطاع.
وأكد المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، أن الحملة تأتي ضمن خطة وطنية متكاملة تتبناها الدولة لمواجهة التحديات المتزايدة في قطاع الطاقة، لافتا إلى أن المحافظة بدأت فورا في اتخاذ عدد من الإجراءات التنفيذية للحد من الاستهلاك دون التأثير على السلامة العامة.
ولفت المحافظ إلى أن غرف العمليات بالمحافظة تعمل على مدار الساعة لمتابعة تنفيذ التعليمات ميدانياً، بالتنسيق مع الوحدات المحلية ومركز السيطرة التابع للشبكة الوطنية للطاقة.
وتضمنت الخطة تخفيض إنارة الشوارع والطرق بنسبة 60 بالمئة مع الحفاظ على الأمان والسلامة المرورية، وفصل الكهرباء عن المباني الحكومية يوميا بدءا من الساعة الثامنة مساء، ومنع تشغيل لوحات الإعلانات الضوئية بالشوارع من الساعة 9 مساء حتى 12 منتصف الليل، والالتزام بمواعيد غلق المحال التجارية والمولات وفقاً لقرارات رئاسة مجلس الوزراء.
كما تضمنت الخطة خفض الإضاءة العامة وإنارة الميادين ودور المناسبات وبعض المحال خلال النهار، والتأكيد على فصل أجهزة التكييف قبل مغادرة الموظفين للمكاتب على أن يتم اتخاذ إجراءات إضافية كلما لزم الأمر للمساهمة في تحقيق أهداف الترشيد.
وكان مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أصدر قراراً بتشكيل “لجنة أزمات” برئاسته، لمتابعة تداعيات العمليات العسكرية الإيرانية- الإسرائيلية، بما يُسهم في الاستعداد لأية مُستجدات بمختلف القطاعات.
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن لجنة الأزمات تضم في عضويتها: محافظ البنك المركزي، ووزراء الصناعة، والتخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والكهرباء والطاقة المتجددة، والمالية، والتموين والتجارة الداخلية، والبترول والثروة المعدنية، بالإضافة إلى مُمثلي وزارة الدفاع، والداخلية، وممثلي جهاز المخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية.
وبيّن أن رئيس مجلس الوزراء سيجتمع دورياً مع أعضاء اللجنة، كما يُكثف حالياً من اجتماعاته مع اللجان الاستشارية المُختلفة، بهدف بحث تداعيات الأحداث الأخيرة وتأثيراتها على مُختلف القطاعات.
وقال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن مصر اتخذت خطوات استباقية لتأمين احتياجات السوق المحلي من الغاز الطبيعي والنفط في ظل التوترات الإقليمية.
وأضاف في تصريحات متلفزة أن تشغيل ثلاث سفن تغويز، اثنتان منها تعملان بالفعل في منطقة السخنة، سيوفر حوالي 2.25 مليار قدم مكعب من الغاز يومياً، مع استعدادات لربط السفينة الثالثة قريبا.
وبيّن يوسف أن هذه السفن ستحقق توازنا بين العرض والطلب على الغاز، مشيراً إلى أن مصر تنتظر سفينة تغويز رابعة بحلول يوليو لتلبية احتياجات محطات الكهرباء بالكامل.
ولفت إلى أن انقطاع الغاز الوارد من الشرق بسبب الصراع الإسرائيلي- الإيراني تسبب في عجز يتراوح بين 600 و650 مليون قدم مكعب يوميًا، مما دفع مصر للجوء إلى بدائل مثل السولار والمازوت.
وأكد يوسف أن مصر تعتمد على تعاقدات طويلة الأجل مع دول الخليج، خاصة الكويت والسعودية والعراق، لاستيراد النفط الخام، مع ميزات سعرية وتسهيلات سداد تمتد لتسعة أشهر.
وقال إن مخزونات ضخمة من النفط السعودي متوفرة في سيدي كرير مما يمنح مصر مرونة في مواجهة أي اضطرابات في مضيق هرمز، مضيفاً أن خطة طوارئ تشمل استيراد خامات بديلة من أسواق عالمية في حال انقطاع الإمدادات.
ومع اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية، أعلنت وزارة البترول المصرية تنفيذ خطة طوارئ خاصة بأولويات إمدادات الغاز الطبيعي، على خلفية توقف إمدادات الغاز من إسرائيل.
وشملت الخطة إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار، بدلا من الغاز الطبيعي.
وتعتمد مصر منذ 2020 على واردات الغاز الإسرائيلية لاستكمال احتياجاتها من الطاقة، بمعدل يومي يتراوح من 850 مليون إلى مليار قدم مكعب، ويشكل نحو نصف إجمالي واردتها من الغاز.
وقد أُغلق حقلا ليفياثان وكاريش -وهما من أكبر حقول الغاز الإسرائيلية- صباح الجمعة الماضي.
وبعد أن كانت الأزمة تتمثل في انخفاض واردات الغاز الإسرائيلي في شهور الصيف، أدت الحرب إلى توقف كامل واردات الغاز من إسرائيل.
وخلال أول 3 أشهر من 2025، تراجع إنتاج البلاد 20 بالمئة ليصل إلى 10.68 مليار متر مكعب، مقابل 13.4 مليار متر مكعب بالفترة المماثلة من العام السابق، بحسب منصة بيانات الطاقة المشتركة “جودي”.
وخلال أول 3 أشهر، بلغت الواردات نحو 4.42 مليار متر، مقابل 2.63 مليار متر في الفترة نفسها من 2024.
وزاد استهلاك مصر من الغاز خلال شهر مارس/ آذار الماضي بنسبة 12 بالمئة ليصل إلى 5.177 مليار متر مكعب مقابل 4.6 مليار متر في فبراير، وكان 49.6 بالمئة من استهلاك الغاز موجه لتوليد الكهرباء خلال مارس الماضي.
وسجل استهلاك مصر خلال أول 3 أشهر من العام الجاري 14.99 مليار متر مكعب، مقابل 15.1 مليار متر في الفترة نفسها من 2024.
ولجأت الحكومة المصرية إلى توقيع عقود طويلة الأجل مع قطر لاستيراد الغاز المسال، في خطوة وصفها خبراء بأنها إيجابية على المدى الطويل، خاصة من حيث الأسعار التي يُتوقع أن تكون أقل بنحو 20% من الأسعار الفورية الحالية.