حِلّوا عن الأردن

ديرتنا -عمّان
معمر محمود الحجاج
مع تصاعد التوتر في المنطقة، واحتدام المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، جاء الموقف الأردني واضحًا لا لبس فيه:
أي جسم جوي يخترق الأجواء الأردنية سيتم التعامل معه فورًا.
هذا الموقف لم يكن استعراضًا، ولا تصعيدًا غير محسوب، بل تأكيد على أن الأردن دولة تحترم نفسها، وتحمي أجواءها، وتمارس سيادتها دون استئذان من أحد.
فالسيادة ليست ترفًا دبلوماسيًا، ولا مادةً للتنظير، بل حق أصيل تمارسه الدول التي تملك قرارها، وتُدير شؤونها باستقلال كامل.
والذي يجب أن يعرفه الجميع أن التهديد لم يكن نظريًا أو بعيدًا، بل سقطت بالفعل كثير من المقذوفات في عدد من مدن ومحافظات المملكة، وأدت إلى إصابة عدد من المواطنين، نتمنى لهم جميعًا السلامة والشفاء العاجل، ونؤكد أن هذا وحده كافٍ لتبرير أي إجراء عسكري أو أمني تتخذه الدولة لحماية شعبها وأرضها.
ومن المدهش فعلًا، أن من يلومون الأردن على ممارسة سيادته، هم أنفسهم ينتمون لدول لا سيادة لها، دولٌ مجالها الجوي أشبه بطريق المطار… مفتوح للجميع بلا إذن ولا ضبط، ثم يتحدثون عن السيادة وكأنها عندهم واقع حي، وهم في الحقيقة فاقدوها بالكامل.
من حق الأردن، بل من واجبه، أن يحمي أجواءه كما يحمي أرضه وحدوده. وهذا الموقف ليس جديدًا على بلد بقي صامدًا في وجه التقلبات، ولم يسمح يومًا أن يكون تابعًا أو ملعبًا لتصفية الحسابات.
وفي خضم هذه الضجة، اسمحوا لي أن أقتبس كلمة قالها النشمي كما كان يلقبه المغفور له الملك الحسين، معالي محمد داودية – “حلي”، وانا أقولها بالثم المليان “حِلّوا عن الأردن… حِلّوا عنّا.”
ولمن لا يعرف معنى كلمة “حِلّ” عند الأردنيين، فهي ليست مجرد لفظ شعبي.
“حِلّ” تعني كفى، توقّف، تجاوزت الحد، وآن الأوان أن ترحل وتتركنا وشأننا.
هي كلمة لا يقولها الأردني إلا حين يشعر أنه طفح الكيل ووصل الأمر لحده ، وأن هناك من يحاول أن يُملي عليه موقفًا أو يزاود عليه في وطنيته.
نقولها بصوت كل أردني غيور:
الأردن لا ينتظر شهادة من أحد على سيادته، ولا يقبل دروسًا من فاقديها.
دولة تمارس سيادتها فعلًا، لا كلامًا، وتحمي أمنها بقرارها، لا بإملاءات الخارج.
حفظ الله الأردن، أرضًا وشعبًا وسماءً وقيادة.
وليظل دائمًا وطنًا صلبًا، عزيزًا، عالي الرأس، كما كان وسيبقى.
الأردن أولًا… والأردن أخيرًا