هل باتت الحرب الكبرى وشيكة؟…رؤية تحليلية لما وراء التصعيد الإيراني – الإسرائيلي

ديرتنا – عمّان
الدكتور المخرج محمد جبور
في عالم تتداخل فيه الأيديولوجيات الدينية مع الحسابات الجيوسياسية، وتمتزج فيه نبوءات الكتب المقدسة بلغة المصالح والاستراتيجيات، يبدو أن منطقة الشرق الأوسط تقف على أعتاب مواجهة مفصلية قد تتجاوز حدود الحروب التقليدية، فالسؤال الذي يتردد في أروقة النقاش ووسائل الإعلام: هل اقتربت الحرب؟ الجواب الأقرب للواقع: نعم، لكنها ليست حربًا واحدة، بل مشهد جديد من فصول “إعادة تشكيل العالم”.
وما شهدناه مؤخرا من تصعيد بين إيران وإسرائيل – من تحركات عسكرية، وعمليات محدودة، وتهديدات متبادلة بالسلاح النووي – لا يعدو كونه الفصل التمهيدي في مخطط أكبر، فعلى الرغم من تلك الخطابات العدائية التي ظهرت،فالوثائق والأحداث التاريخية تكشف عن شبكة علاقات ومصالح متبادلة بين الجانبين، من بينها:
دعم إسرائيلي لإيران خلال حربها مع العراق، وفضيحة “إيران – كونترا” الشهيرة، و تجاهل الغرب طويلًا لطموحات طهران النووية.
فكل تلك مؤشرات على تنسيق خفي يسبق الانفجار الكبير.
إذا لماذا التصعيد الآن؟!
منذ عام 2020، شهد العالم تحولات دراماتيكية في التحالفات، وانهيارًا تدريجيًا في توازنات القوى التقليدية، وتصاعدًا غير مبرر في التوترات الإقليمية، ويعتقد بعض المحللين أن ما نعيشه هو المرحلة ما قبل الأخيرة من هذا المخطط العالمي – “العرض الثامن”، يليه “العرض التاسع”: حرب كبرى تشتعل في الشرق الأوسط وتُفضي إلى مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة والصين، على غرار ما أحدثته الحربان العالميتان في القرن الماضي.
أهداف هذه الحرب المتوقعة
إعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة، خصوصًا في الخليج، وبلاد الشام، وإيران.
إسقاط الأنظمة المستهلكة سياسيًا والتي لم تعد تلبي مصالح اللاعبين الكبار.
استنزاف اقتصادي واسع، وخلق أزمة نفط عالمية عبر احتمالات مثل إغلاق مضيق هرمز أو استهداف قواعد أمريكية.
جرّ الولايات المتحدة إلى صدام مباشر مع الصين عبر البوابة الإيرانية، كما حدث سابقًا في العراق وأفغانستان.
تهيئة المسرح لنظام عالمي جديد، تكون فيه إسرائيل مركزًا وظيفيًا في الشرق، انسجامًا مع نبوءات دينية في الفكرين اليهودي والمسيحي.
فهل تفصلنا أيام عن المواجهة؟
الوقائع لا تتحدث عن سنوات، بل عن شهور وربما أسابيع، فالمسرح بات مهيأ، والتحركات العسكرية تجري كاختبارات تمهيدية، حتى الضربات التي تُنفّذ غالبًا ما تستهدف مواقع خالية، في محاولة لجسّ نبض الرأي العام، وتجهيزه نفسيًا للمراحل القادمة.
نحن لا ننتظر اندلاع حرب… بل نعيش مقدماتها الواقعية. من يكتفي بمتابعة الأخبار سيفوته الكثير، أما من يقرأ ما بين السطور، فسيُدرك أن الشرق يقترب من لحظة فاصلة، تُعيد رسم خريطته السياسية والعقائدية، وتُطيح بقوى طالما اختبأت خلف الشعارات، لتُفسح المجال لواقع عالمي جديد، ما زال يُكتب على وقع التصعيد والسلاح