اعلى الصفحةالرئيسيمقالات

القضاة تكتب: خطاب مفتوح إلى الحكومة الأردنية بشأن كارثة الكحول المغشوش الوطنية الجديدة ..والدكتورة سناء قموه تدلي بدلوها لـ “ديرتنا”..

خاص لـ ديرتنا – عمّأن – كتبت رحاب القضاة

إنّ ما يجري في بلدنا هذه الأيام من مآسٍ إنسانية يُظهر مدى تفاقم الأزمة التي نعيشها. فقد لاحقتنا كارثة مخيفة تفجرت في الزرقاء,امتدت لخارجها ، راح ضحيتها تسعة مواطنين أردنيين وأُصيب أكثر من سبعة عشر آخرون بتسمّمٍ قاتل وصفت حالتهم بالخطيرة ، نتيجة تناولهم مشروبات كحولية مغشوشة.
إنّ هذه الحصيلة المروّعة ليست مجرد أرقام؛ إنها أرواحٌ زُهِقت تحت وطأة الجهل واللامبالاة، وأسرٌ أُزهقت فرحتها.
إنّها مأساةٌ تطرح السؤال الكبير: إلى متى سيظلّ المواطن الأردني ضحيةً لإهمالٍ وتقصيرٍ مفضوحٍ؟

هذا تقاعس في الرقابة وتهاون  وتقصير من المسؤولين

كان مفترضًا أن تكون الأجهزة الرقابية في الدولة في حالة يقظة دائمة تتحرّى السلامة وتحمي حياة المواطنين.
لكنّ الحقيقة المرة أن التراخى في تطبيق الرقابة والإشراف هو ما مكّن هذه المأساة من الحدوث.

لقد صرّحَ مدير عام مؤسسة الغذاء والدواء مرارًا بأن جميع منشآت بيع المشروبات الكحولية تخضع لرقابته الفنية الصارمة
وأن كل خطوة في مراحل التصنيع والتعبئة مراقبةٌ بدقة. ومع ذلك، تسرّب الميثانول السامّ إلى المشروبات الموزّعة في الأسواق، وتسبّب بإزهاق أرواح الناس. نستنكر بشدّة هذا التضليل وسذاجةَ المبرّرات فمهما وُهِبَت الرقابة على الورق، فإنّ الواقع الماثل أمامنا يفضحها: الرقابة كانت غائبة، والنتائج مروّعة ،حيث ما حدث يؤكد تناقض ونفي حديث مدير عام الغذاء والدواء ، فلو كانت الرقابة الفنية موجودة وفاعلة كما تحديث وصرح عطوفته ، لما جدث ما حدث ..!!

تصريحات غير صحيحة 
مما يزيد الطين بلة أن بعض التصريحات الرسمية حاولت تبرير الكارثة بأعذار واهية. لقد صُدمنا حين سُمع من مسؤول في مؤسسة الغذاء والدواء القول إنَّ “التخزين يغيّر التركيب الكيميائي” ففي حديث لـ “ديرتنا”  مع مديرة المختبرات السابقة في مؤسسة الغذاء والدواء ، المدرسة حاليا في جامعة العلوم والتكنلوجيا الدكتورة سناء قموة ، قالت،” أيّ كلامٍ هذا الذي يُجافي أبسط قواعد الكيمياء والمنطق؟ إنّ هذا القول هراءٌ مرفوضٌ رفضًا تامًا علميًا،ولا يخفي في طياته سوى استهانةٍ بعقول الناس ومحاولةٍ بائسةٍ للتغطية على الخطأ. فالوصول إلى هذه النسب المميتة من الميثانول لم يكن نتيجةً للتخزين
بل نتيجةٌ لخطيئة الغشّ والتقصير في الرقابة.
إننا نرفض أي محاولةٍ للتلاعب بهذه الحقيقة ونؤكد مجددًا أن حياة المواطن الأردني أغلى من أي أعذارٍ تافهة.
واضافت الدكتورة قموة انه من الواجب كخطوة أولى سحب المنتج من السوق مباشرة للحفاظ على ارواح المواطنين
وضرورة الكشف الفوري عن اسم المصنع أو المنشأة المسؤولة وان للمواطن الأردني حقٌّ مقدّس في معرفة المسؤول عن هذه الجريمة النكراء.
ونطالب بأن تكشف الحكومة فورًا هوية المصنع أو المنشأة المتورّطة؛ فالشفافية هي أول طريق العدالة، ولا يجوز أن تبقى الحقيقة محجوبة باسم الإجراءات.

علينا محاسبة كل المسؤولين بلا استثناء: يجب أن يشمل التحقيق كل من تقاعس أو تورّط في هذه الجريمة، مهما علا شأنه أو كبُر نفوذه.
فعندما تُزهق أرواح أبرياءٍ بفعل هفواتٍ أو تواطؤ وتقاعس، لا مجال لأي حصانة أو مجاملة؛ فالقانون فوق الجميع، وتطبيق سيادة القانون على الجميع دون استثناء: إننا نطالب بأن يُطبَّق القانون بصرامه على كل مقصر أو فاسد، مهما علا منصبه أو كانت خلفيته.
سيادة القانون مطلبٌ دستوري قبل أن يكون مطلبًا شعبيًا؛ ولا تقبل العدالة عند الأردنيين أن يكون لأحدٍ أي امتياز أو غطاء خاص.
علينا إصلاح جذري لنظام الرقابة والتفتيش: لقد آن الأوان لإعادة بناء المنظومة الرقابية الشاملة من أساسها. نطالب بمراجعة كفاءة الرقابة والمراقبين كأشخاص وأجهزة ومعدات ومواد ، ورفع قدرات الفرق التفتيشية، وتطبيق آليات رادعة تضمن الكشف المبكر عن أي خلل. فالتقصير الحالي لن يُعوَّض بالكلام بعد اليوم.
وألاولوية هي حياة المواطن الأردني: نذكّر أنّ حياة كل مواطن خطٌّ أحمر لا يجوز تجاوزه تحت أي ظرف. وحياتة أغلى من أي مصالح ضيقة أو مجاملات، ولن نقبل بحماقاتٍ تضيِّع هذه الأرواح. مهمتكم الأولى هي حماية شعبكم، والحياة أمانةٌ على عاتقكم.

في الختام نؤكد أنّ الشعب الأردني لن يرضى إلا بتطبيق العدالة على الجميع دون مجاملة أو تأخير. لن نقبل بأي حلول ترقيعية أو محاولة تهدئة بالحديث والتصريحات ، التي لا نجد صدًى وسط هذه المآسي.
سنظل نتابع مجريات التحقيقات بحذرٍ شديد حتى يحق الحقُّ، ونردد جميعًا بأعلى صوتنا شعارنا الوطني الأسمى
لا أحد فوق القانون.

زر الذهاب إلى الأعلى