القضاة تكتب: التعديل الوزاري.. رقصة الكراسي على إيقاع الإنجاز المؤجل!

ديرتنا – عمّان -كتبت رحاب القضاة
بينما تنشغل رئاسة الوزراء بموسيقى التعديل الوزاري وتتوزّع النظرات بين من سيُغادر ومن سيُغادر أيضًا ولكن بأقل حزن ممكن، يعود إلينا المشهد الكلاسيكي: وزراء يلوّحون من النوافذ، وآخرون يدخلون وملف تحت الإبط، وابتسامة عريضة عمرها ساعتان فقط.
هذا هو الأردن في لحظة التعديل الوزاري: عرض مسرحي شبه سنوي يتبدّل فيه الممثلون وتبقى الحبكة كما هي، والنص محفوظ عن ظهر وعود.
لكن مهلاً… هذه المرة مختلفة!
فلأول مرة منذ قرون بيروقراطية هناك رئيس الوزراء جعفر حسان، جاء إلى المسرح لا ليمثل بل ليحاول – بصدقٍ نادر – أن يُنجز.
نعم، يُنجز!
الكلمة التي كادت تُمحى من القاموس السياسي.
وقد رأينا ذلك في تعامله مع الملفات إذ لم يخترق الجدران بصوتٍ عالٍ بل جلس وأخرج دفترًا، وبدأ يعدّ… كم شاحنة دخلت؟
كم مشروع خرج؟ كم مسؤول نام في مكتبه؟ وكم وعد انكمش خجلًا من عدم تحقيقه؟
والآن يا دولة الرئيس… نهمس لك، ولكن بصوت مرتفع قليلاً كي تسمع:
المرحلة القادمة ليست مرحلة “ترضيات” ولا منصات إطلاق شعارات على الفيسبوك ولا وزراء بحقيبة وعد وكتفين من هواء.بل هي مرحلة أكتاف مشدودة وأكمام مرفوعة.
فلتكن الشجاعة عنوان التعديل ، اختر من يحمل العقل لا الـ CV المُلمّع على يد مكتب تصميم. اختر من يرى الوزارات مؤسسات، لا صورًا للغلاف الشخصي.اختر من يعرف الفرق بين خطة وطنية وخطة محتوى على تيك توك.
وإن أردت نصيحة سريالية خالصة، فابدأ بسؤال بسيط عند اختيار الوزير:
“كم مرة في حياتك استخدمت مصعدًا دون أن تطلب من أحد أن يضغط الزر نيابة عنك؟”
فمن لا يعرف كيف يضغط زر “الصعود” لن يعرف كيف يرفع الوطن.
أما عن الوزارات الموعودة بالتعديل؟
فلتذهب وزارة الثقافة إلى شاعر يعرف أن القصيدة مسؤولية،
ولتُسلّم وزارة التربية إلى معلم طُرد مرة لأنه شرح “جدول الضرب” بطريقة ممتعة.
ولتُعطَ وزارة الشباب إلى شاب لم يتوقف عن الحلم رغم أن عمره تعدّى الأربعين.
ولتُمنح وزارة الاستثمار لمن يستطيع أن يكتب كلمة “ثقة” دون أن يرتبك.
دولة الرئيس
نعرف أن التعديل صعب وأن كل اسم يدخل إلى الحكومة كأنه بطل خارق من كوكب زحل…
لكننا نريد وزراء منّا وفينا لا وزراء فينا ومنّا!
نريد وزراء يفهمون ألم الشارع، لا يمرّون فوقه بزجاجٍ مظلل.
وزراء لا يخشون النزول إلى الميدان، ولا يعتبرون المطر تهديدًا أمنيًا.
نريد وزراء يفهمون أن الإنجاز لا يُقاس بعدد المؤتمرات، بل بعدد الأبواب التي لم تُغلق بوجه المواطن.
وأخيرًا…
نحن شعب ما زلنا نؤمن – رغم كل شيء – أن هناك بصيصًا من أمل.
وقد لاح هذا البصيص حين حضرتك لم تعيّن صديق ابن خالك وزيرًا للسعادة بعد.
فواصل السير، وكن رئيسًا لا يقطف زهر الإنجاز من عرق غيره بل يسقيه بجهده كما انت
ومن لا يُجيد الزرع، فليرحل من الحقل بهدوء…فنحن لم نعد نتحمل موسمًا جديدًا من “الحراثة على غير هدى”.
تحية لك
من مواطن يؤمن – بعد قهوة مرّة – أن الأردن ما زال يستحق الأفضل.