مقالات

حدودنا ليست مشاع … وجيشنا ليس وحده

ديرتنا – عمّان

معمر الحجاج

ما يجري على حدودنا الشمالية لم يكن مجرد خبر عابر في نشرات الأخبار، بل هو واقع أمني خطير، يفرض علينا جميعًا أن نكون على درجة عالية من الوعي والمسؤولية.
فحكومتنا ، وجيشنا العربي، والأجهزة الأمنية، يرون الصورة كاملة ويتعاملون معها بكل حزم:
أي اقتراب من الحدود سيتم الرد عليه فورًا، وبدون أي إنذار ولا تردد في حماية كل مواطن داخل حدود مملكتنا …

وهذه ليست رسالة تهديد، بل موقف وطني حازم وحق حماية للوطن والمواطن و يستند إلى معلومات دقيقة وموثقة، وتجربة ميدانية صلبة.

ولو امعنّا النظر بالإحصائيات والتصريحات الرسمية الصادرة عن القوات المسلحة الأردنية، ووزارة الداخلية، ومديرية الأمن العام، ووسائل الإعلام الوطنية خلال السنوات الأخيرة، للاحظنا أرقام مقلقة تشير إلى تصاعد محاولات التهريب والتسلل بشكل يهدد الأمن الوطني الأردني بشكل مباشر.

تشير المعطيات إلى أن بعض المواد المهربة – وخاصة المخدرات والأسلحة – قد تكون موجهة للسوق الأردني، أو تمر عبر الأردن إلى دول الجوار، مما يُحمّل المملكة أعباءً أمنية جسيمة لحماية شعبها وجيرانها من هده الشبكات الإجرامية، التي لا تعترف بسيادة ولا بحرمة حدود.

خلال السنوات الخمس الماضية، تم التصدي لأكثر من 900 محاولة تسلل وتهريب، معظمها قادمة من محافظة السويداء السورية، التي تحولت إلى نقطة ساخنة لنشاطات التهريب، في ظل غياب السيطرة الفعلية للنظام السوري.

عام 2021 وحده شهد 361 محاولة تهريب، تم خلالها ضبط نحو 15.5 مليون حبة كبتاغون،
وفي عام 2022، ارتفع عدد المحاولات إلى 383 محاولة، قُتل خلالها 27 مهربًا في واحدة من أعنف المواجهات الحدودية.

أما في الأشهر الأولى من عام 2023، فقد تم رصد 194 محاولة تسلل و88 محاولة تهريب بطائرات مسيرة،
وخلال عامي 2024 و2025، وقعت عدة اشتباكات مباشرة، أسفرت عن مقتل عدد من المهربين وضبط كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة.

هذه الأرقام ليست مجرد بيانات، بل تهديد حقيقي ومباشر لأمن المجتمع الأردني، أو لتمريرها إلى خارج البلاد. وفي الحالتين، يشهد الواقع أننا أمام حرب خفية تشن على الأردن تستهدف أخلاق أبنائه وسلامة مجتمعه واستقراره الوطني.

وفي خضم هذا الواقع، ترتفع بعض الأصوات المطالبة بفتح الحدود واستقبال لاجئين جدد في حال تدهورت الأوضاع أكثر في الجنوب السوري، وبالتحديد في السويداء. ونحن هنا نؤكد أن العقل يجب أن يسبق العاطفة.

نحن نتفهم معاناة النساء والأطفال والضحايا الأبرياء، ونعلم أن هناك ظروفًا إنسانية مؤلمة يعاني منها البعض، ولكننا في الوقت نفسه لا يمكن أن نغفل خطر تسلل عناصر إجرامية أو متطرفة أو مرتبطة بشبكات التهريب ضمن هذه الحركات.
ولذلك، لا بد من موازنة دقيقة بين البعد الإنساني ومتطلبات الأمن الوطني، لأن أمن الأردن فوق كل اعتبار، ولا يحتمل المغامرة.

ما تقوم به القوات المسلحة الأردنية، وقوات حرس الحدود، ليس فقط عملاً أمنياً، بل واجب وطني من الطراز الأول. هم اليوم يقفون بيننا وبين خطر كبير، وكل محاولة إحباط، وكل اشتباك، هو جزء من معركة أوسع تُخاض لحماية الأردن.

ولا يجب أن نترك هذه المعركة تُخاض وحدها. كل أردني وأردنية مسؤولون أيضًا. مسؤولون عن التبليغ، عن الوعي، عن حماية المجتمع من الداخل كما الجيش يحميه من الخارج.

نشد على أيدي قواتنا المسلحة، ونقف خلفهم صفًا واحدًا، ونقولها بوضوح:
لن نسمح بإدخال الخطر إلى بلدنا، ولن نُقايض أمن الأردن بأي اعتبارات أخرى.
لا مكان في أمن الدولة للمجاملات، ولا خطوط رمادية في ما يخص حماية الوطن.

اللهم احفظ الأردن، أرضًا وشعبًا وقيادة.
اللهم سدّد خطى جنودنا، وثبّت أقدامهم، واجعلهم درعًا حصينًا لهذا الوطن الغالي.

الأردن أولًا… وأخيرًا.

زر الذهاب إلى الأعلى