مقالات

القضاة تكتب: عزيزتي أمّ الثانوية العامة… اجلسي في بيتك!

ديرتنا – عمّان

رحاب القضاة

في كل عام ومع انطلاق صافرة الامتحانات الرسمية لا يذهب الطلاب وحدهم إلى المدارس… تذهب معهم طوابير من الأمهات والجدّات والخالات وأحيانًا الجيران، يتوزّعن على الأرصفة، وأمام البوابات، وتحت الأشجار، أو – ويا للمأساة – تحت الشمس مباشرة وكأن انتظار الطالب جزء من منهج التربية الوطنية.

ظاهرة “الأمهات على أبواب المدارس” لم تعد مجرّد لقطة عابرة بل تحوّلت إلى طقس مقدّس واحتفال يومي مصغر من الألم والتوتر والكراسي البلاستيكية والسؤال الوجودي المتكرر: “شو كتبوا بالورقة؟!”

ولأننا شعوب تؤمن أن الحب يعني المبالغة في كل شيء فقد أصبحت الأم تجلس هناك لساعات، تمسح العرق، تهمس بدعاء تشتم وزارة التربية ثم تعود للهمس وتلقي نظرات حارقة على بقية الأمهات وكأنها في مسابقة: من تحب ابنها أكثر!

لكن لحظة…
ماذا يشعر الطالب داخل القاعة حين يعرف أن أمّه تنتظره في الخارج؟
هل يطمئن؟ يركز؟ ينجز؟
أبدًا!
بل يشعر أنه مطالب بنجاح فوري بلا أخطاء لأن أمّه تحت الشمس!

تخيّلوا الضغط النفسي: الورقة أمامه المراقب خلفه والأسئلة صعبة… وصورة أمه العزيزة تتراقص في خياله وهي تجلس على كرسي بلاستيكي بوجه متوتّر، تنظر للساعة وتدعو على الوقت حتى لا يتقدم
ليكن بالعلم هذا ليس دعمًا نفسيًا هذه حرب أعصاب!

شخصيًا لا أذكر يومًا أنني توقعت أن تنتظرني أمي عند سور المدرسة.
لم أتصوّرها يومًا تراقبني من بعيد كأحد رجال الأمن أو تجلس بقلق وكأنني في غرفة العمليات لا في امتحان الفيزياء!
وكانت تعرف أن قلقها في البيت أرحم من قلقها على الرصيف.

عزيزتي الأم الحنونة
ابنك يعرف أنك تحبينه، لا تحتاجي أن تبرهني ذلك بكوب شاي في الشمس!
دعيه يذهب، ويتعلم، ويخطئ، وينجح، ويواجه قلقه وحده ويتعلم من هذه الحياة
كوني السند الهادئ… لا السور المرتجف.

وفي الختام نرفع أسمى آيات التقدير لكل أم قررت أن تنتظر نجاح ابنها في البيت مع فنجان قهوة وابتسامة أمل… بدلًا من أن تزرع فيه نبتة التوتر وتقول له: “يلا يا روحي أنا وراك تحت الشمس، ما تنساني وانت بتجاوب!”

زر الذهاب إلى الأعلى