مقالات

خدمة العلم.. شرف الدفاع وبناء الشخصية

ديرتنا – عمّان

المقدم م. ضفدع بشري/  معمر الحجاج

اسمحو لي اليوم ان اكتب هذه الكلمات بصفتي ضابطًا متقاعدًا من القوات المسلحة الأردنية، خدمت في صفوف الجيش العربي ما يقارب عشرين عامًا، وكان لي شرف اخدمه هذا الوطن الغالي تحت راية الهاشميين. وأسمحوا لي أن أتحدث أيضًا كأبٍ فخور، ابني الآن يستعد ليخدم خدمة العلم، وأشعر أن هذا القرار هو خطوة مباركة ستنعكس بالخير على شبابنا ووطننا.

خدمة العلم ليست مجرد فترة إلزامية يقضيها الشباب في صفوف القوات المسلحة، بل هي مدرسة حقيقية للرجولة، للكرامة، وللعزة. هي ميدان يتعلم فيه الشاب معنى الانضباط، معنى التضحية، ومعنى أن تكون جزءًا من كيان عظيم اسمه الجيش العربي الأردني. لا يوجد شرف أعظم من شرف ارتداء الفوتيك، وحمل شعار على البريه .

تخيل أن تصحو مع زملائك على كلمة واحدة “وحد الله ”، لتبدأ يومك برياضة صباحية مع معنويات عالية، بزيك المرتب، بحلاقة نظيفة، وأنت واقف في الطابور بين إخوة وزملاء يشبهونك في الحلم والهدف. تلك اللحظات حين تركضون معًا وتنشدون الأناشيد العسكرية الجميلة، تبني روابط صداقة وزمالة لا تشبه أي علاقة أخرى في الحياة؛ زمالة تبقى العمر كله، بعيدة عن المصالح والمكاسب الشخصية.

ومع ساعات التدريب، من طوابير المشاة، إلى حصص الاسلحه ، إلى ميدان الحواجز والتدريب الميداني، يتعلم الشاب الصبر والتحمل والانضباط. صحيح أن التعب والغبار والعرق قد يرهق الجسد، لكن القلب يظل مفعمًا بالعزيمة، والروح تبقى عالية لأنها تدرك أن هذه الأيام ستتحول لاحقًا إلى ذكريات لا تُنسى.

خدمة العلم تغيّر الشخصية، تصقل التفكير، وتمنح الشباب نظرة جديدة للحياة. فهي تعلمهم احترام الوقت، تقدير الجهد، وتعزز فيهم حب الوطن والانتماء الحقيقي له. بل إنها تجعل الشاب يرى وطنه بعين مختلفة؛ كل تفاصيل البلد تصبح ذات قيمة ومعنى أكبر.

إن الجيش مدرسة للحياة، ومن يدخلها يخرج إنسانًا مختلفًا، أكثر انضباطًا وقوة وثقة. ولذلك فإن عودة خدمة العلم ليست مجرد قرار تنظيمي، بل هي استثمار في شباب الأردن، وصناعة لجيلٍ قادر على حمل المسؤولية، والدفاع عن هذا الوطن الغالي.

اللهم احفظ الأردن بلدًا آمنًا مطمئنًا، وبارك في شبابه ورجاله وقيادته، واجعل خدمة العلم بابًا من أبواب الخير والبناء لهذا الوطن العزيز

الاردن اولا …واخيرًا

زر الذهاب إلى الأعلى