مسرحية “القمقم” السعودية..”مرثيّة للروح ومطرقة للعقل”و”عذاب واعٍ” – فيديو

خاص بـ ديرتنا – عمّان – كتبت رحاب القضاة
في مسرحية القمقم لا تدخل قاعة العرض كمتفرّج عادي بل كروح تُلقى في ظلام باطني حيث تتقاطع الأساطير مع الشهوات وتتمازج الحكايات مع جمر الواقع.
العمل ليس خشبةً وأضواءً وحوارًا فحسب، بل هو جرح مفتوح قمقمٌ يهتزّ تحت وطأة أنفاس المقموعين والمكبوتين ويكاد يتفجّر إن لم نفتح غطاءه ونواجه ما يخرج منه.
منذ اللحظة الأولى يضعك النص أمام سؤال مرعب ماذا يحدث حين يتحوّل الإنسان إلى كائن محبوس داخل قمقم لا مرئي؟ قمقم ليس من زجاجٍ أخضر كحكايات الجان بل من خوفٍ اجتماعي
ومن قيدٍ أبوي ومن تاريخٍ يتواطأ مع الحاضر كي يُبقي المرأة والرجل معًا في سجن مصقول بالأعراف والوصايا.
المسرحية تشتغل على الحافة بين الحلم والكابوس
الحوار مشطور كسيفٍ بين المسموح والممنوع الأصوات تتناوب بين الرجاء والرفض الأجساد تتحرّك كأنها تبحث عن كوة ضوء صغيرة في جدارٍ لا نهاية له. إنّه مسرح يعرّي هشاشتنا ككائنات تبحث عن الحرية لكنه أيضًا مسرح يعرّي شهواتنا الدفينة تلك التي نخاف من الاعتراف بها.
“القمقم” ليس عرضًا لتسلية العين، بل طقسٌ جنوني يلتهم المسافة بين المتفرّج والشخصية. قد تجد نفسك فجأة داخل القمقم
تصرخ معهم ترتجف معهم وتخشى أن يُغلق الغطاء عليك إلى الأبد. المشهد التراجيدي هنا لا ينتهي مع إسدال الستارة بل يبدأ عند خروجك من القاعة حين تكتشف أن قمقمك الخاص لا يزال على ظهرك وأنك وحدك من يملك قرار كسره.
هذا العمل المسرحي السعودي يقدّم الفن كـ مرثية للروح ومطرقة للعقل.
إنه جنون جميل لكنه أيضًا عذاب واعٍ
يذكّرك بأننا كلنا أسرى قمقمٍ ما: قمقم الجسد، قمقم الهوية، قمقم المجتمع. لكن المسرحية، بقدر ما هي مظلمة تحمل بين جنباتها ومضات حرية أشبه بشرارة صغيرة تُشعل فيك رغبة أن تقول: لن أبقى في قمقمي بعد الآن.