بطالة الشباب في الأردن..أرقام صادمة وفرص ضائعة

خاص لـ ديرتنا – عمّان
اعداد د ايمان الكساسبة / مركز اليرموك للدراسات والابحاث
من المعلوم للجميع ان معدلات البطالة في الأردن ترتفع عامًا بعد عام لتصل إلى مستويات قياسية بين الشباب الأردني خصوصًا بين خريجي الجامعات حيث تتجاوز نسبة البطالة 40 % ووزير العمل خالد البككار أعلن أن عدد الشباب غير العاملين بلغ 430 الف في حين أشار مركز “بيت العمال” إلى أن بطالة الشباب (عمر 15–24 عامًا) وصلت إلى نحو 46 % عام 2024 وهو رقم يعكس حجم الأزمة في بعض التخصصات وقد تصل في مجالات محددة إلى 90% هذه الأرقام صادمة لكنها لا تعكس الصورة الكاملة فخلف كل رقم هناك قصة مختلفة قصة فرص عمل متاحة لكنها تُترك للأيدي الأجنبية
فالعمالة الوافدة تحتل اليوم مواقع مهمة في البناء والزراعة والفنادق والمصانع وحتى في المناطق الاقتصادية الخاصة والمفاجأة أن بعض هؤلاء العمال يدفع آلاف الدنانير للحصول على عقد عمل في الأردن بينما يرفضها شبابنا تحت مسمى الوظيفة اللائقة هذا يوضح فجوة كبيرة بين القدرة على العمل والرغبة في العمل ويكشف عن خلل ثقافي ومجتمعي في نظرتنا للمهن والوظائف
والخسارة الاقتصادية مضاعفة فالعمال الوافدون يحصلون على رواتب مجزية ويستفيدون من الضمان الاجتماعي والرواتب التقاعدية لكن عند عودتهم إلى بلادهم يسحبون مدخراتهم ما يقلل من استفادة الضمان الاجتماعي والاقتصاد الأردني الفعلية إضافة لذلك تتجاوز تحويلاتهم المالية أكثر من ملياري دولار سنويًا أي ما يزيد على خمسة بالمئة من الناتج المحلي الأردني وهي ثروة تهدر خارج الحدود بدل أن تُستثمر محليًا في تطوير الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة وكذلك التهرب الضريبي
والأزمة الحقيقية ليست في عدم وجود وظائف بل في ثقافة مجتمعية تربط الوظيفة بالمكانة الاجتماعية وترفض بعض المهن هذه الثقافة تضع العراقيل أمام الشباب وتمنعهم من الانخراط في قطاعات حيوية توفر الخبرة والدخل والاستقرار المالي يجب أن نغيّر هذه النظرة فالعمل شرف وكرامة واستقلالية وليس عيبًا
والحكومة مطالبة بالتحرك العاجل خصوصًا في القطاعات الحيوية مثل الزراعة الأغذية والمخابز التي تمس الأمن القومي من خلال تقديم حوافز مالية برامج تدريبية وتحسين ظروف العمل لجذب الشباب الأردني وكذلك على الحكومة التشدد في اغلاق بعض المهن التي يشغلها او يمتهنها اردنيين كما يقع على عاتق القطاع الخاص مسؤولية تحسين بيئة العمل والرواتب لضمان بقاء الكفاءات الوطنية في السوق المحلي
أما الشباب الأردني فالرسالة واضحة لا تنتظروا الفرص اصنعوها بأنفسكم ابدأوا مشاريعكم صغيرة تعلموا مهارات جديدة طوروا أنفسكم وحوّلوا التحديات إلى فرص للنمو والنجاح كل فرصة مهملة يقتنصها الآخرون وتذهب خارج حدودنا بينما يمكن للشباب الأردني استثمار طاقاتهم في بناء اقتصادهم ووطنهم
ان المستقبل للشجعان الذين يغتنمون الفرص ويحولون التحديات إلى نجاحات ملموسة الأردن قادر على استيعاب طاقاتكم إذا أحسنتم توجيهها والسوق المحلي بحاجة إلى شباب يتبنى روح المبادرة والعمل الجاد ويثبت أن لكل فرد دور مؤثر في دفع عجلة التنمية الوطنية إلى الأمام