اضاءات

الرسوم المتحركة وتأثيرها على الأطفال

ديرتنا – عمّان – كتبت براءة توفيق :

تُعد الرسوم المتحركة أحد أكثر الوسائل المنتشرة للترفيه كما أنها تعتبر الأكثر تأثيرا بين الأطفال في العصر الحديث فمنذ ظهور أول أفلام للرسوم المتحركة استطاعت الاستحواذ على قلوب وعقول الكثير من الأطفال وتحولت إلى جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية فمن خلال الشخصيات الكرتونية الملونة والقصص الجذابة والعوالم الخيالية نجحت الرسوم المتحركة في جذب انتباه العديد من الأطفال وتلبية احتياجاتهم الترفيهية والتثقيفية
ومع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا ووسائل الإعلام الرقمية أصبح الوصول إلى الرسوم المتحركة أمرا في غاية السهولة حيث يمكن للأطفال مشاهدتها عبر التلفاز أوالإنترنت أوالأجهزة الذكية لذا فهذا الانتشار الواسع أدى إلى زيادة أهمية دراسة التأثيرات المتنوعة لهذه البرامج على الأطفال وتوفير الإرشادات المناسبة للآباء لضمان تحقيق التوازن بين فوائد هذه الرسوم ومخاطرها
و من الأشياء المهمة معرفة تأثير الأفلام الكرتونية والرسوم المتحركة على سلوكيات الأطفال، وتأتي الأهمية الكبيرة لدراسة تأثير هذه الأفلام، لأنها أكثر البرامج التي يتم مشاهدتها من قبل الأطفال. ولكن هناك عدم إدراك وقلة وعي من بعض الأهالي من الخطورة الكبيرة التي تسببها هذه الرسومات المتحركة على الأطفال وعلى سلوكياتهم، وأيضا لها فوائد كثيرة لا نستطيع أن ننكرها

الرسوم المتحركة هي نوع من الوسائط التي تعتمد على تقنية عرض الصور المتتالية بطريقة تجعلها تبدو وكأنها تتحرك. تعتبر الرسوم المتحركة جزءًا أساسيًا من الثقافة الشعبية، وتستهدف بشكل رئيسي الأطفال. ومع تقدم التكنولوجيا، أصبحت الرسوم المتحركة أكثر جذبًا من حيث الأسلوب والقصة، مما جعلها تؤثر بشكل كبير على نمو الأطفال وسلوكياتهم

وفي عام 1911م، قام رسام الرُّسوم المتحركة الأمريكي الشهير( وينسر مكاي ) بعرض فيلمه الأول للرسوم المتحركة المسمى( نيمو الصغير) بمدينة نيويورك، وظهر أشهر أفلامه للرسوم المتحركة، المسمى (الديناصور جيرتي) عام 1914م. وقد نجح( ماكي) في إنتاج أفلام عالية الجودة بشخصيات تميزت بمرونة في الحركة وسمات سلوكية واضحة، مما أسهم في ابتداع الأساليب التقنية، ومؤثرات الإقناع الحسي التي قامت عليها معايير الجودة التشخيصية لأفلام الرسوم المتحركة. وأصبحت أعماله ذات تأثير على إنتاج أفلام الرسوم المتحركة لأنها اشتهرت بانسياب حركتها، ومستوى رسوماتها ذات الجودة العالية، والحس المرهف بالكتلة، إضافة إلى السمات الذاتية الفريدة للشخصيات في هذه الأفلام.

الرسوم المتحركة وعلاقتها بالتوحد :
إن الأطفال الذين يعانون من التوحد لديهم صفات معينة مثل عدم القدرة على الرد والاستجابة في المرحلة الأولى من العمر، وعدم اهتمامه باللعب مع الأطفال الآخرين، أو الحديث معهم ويفضل دائماً الجلوس وحيداً
وفي السنوات الأولى في عمر الأطفال يكونون محبين جداً لمشاهدة الرسوم المتحركة بشكل كبير وذلك قد طرح تساؤلات كثيرة حول علاقة التوحد بالرسوم المتحركة، وكان الرد على ذلك من خلال أخصائية نفسية وتربوية
ذكرت الأخصائية النفسية ” أن الأمر متوقف على أنواع الرسوم المتحركة التي يتم مشاهدتها للأطفال، والمدة الزمنية التي يقضيها أمامها ”
ومن النواحي الإيجابية يوجد رسوم معينة تكون هادفة وتنمي المهارات للأطفال وتزيد ثقتهم بأنفسهم مثل الكرتون التعليمي الهادف فمثلاً هنالك : بعض الكرتون الذي يتحدث عن وظائف الجسد والكرتون الذي يغرس القيم الدينية والأخلاقية
أما من النواحي السلبية يوجد بعض من الرسوم المتحركة تحتوي على مقاطع لا تليق بالأطفال وغير مناسبة لعمرهم وتساهم في تعليمهم العنف اللفظي وأيضا الجسدي، مثل المقاطع التي يوجد بها ضرب وقتل وخطف وتعذيب والسرقة والتعدي على الآخرين وسلوكيات عدوانية ومشاهد مخيفة ومرعبة

ومما يهم ذكره إلى أنه يوجد أكتر من 80%من الأطفال الذين يشاهدون التلفاز تكون مشاهدتهم على هذه الأفلام الكرتونية، وقد توجد ظاهرة في بيوت بعض الأشخاص وهي مشاهدة الأطفال للأفلام الكرتونية كبديل لمشاهدة أشياء غير لائقة على القنوات الأخرى. ( والحقيقة أن الرسوم المتحركة لها إيجابيات وسلبيات على سلوك الأطفال فهي سلاح ذو حدين )
ما هي إيجابيات الرسوم المتحركة للأطفال؟
مشاهدة الأطفال للأفلام الكرتونية تساعد في تطوير مهارات وميول جديدة وهذه الرغبات يكون لها تأثير كبير في سلوكهم وتجعلهم يكتسبون خبرات جديدة وخصوصا للأطفال الذين لديهم استعداد لاستقبال أي معلومة جديدة
غير أن أفلام الكرتون تحتوي على قصص يمكن للطفل أن يستفيد منها في تكوين علاقات اجتماعية جديدة ويكتسب خبرات ومهارات تساعد في تنمية الأفكار وتجعلهم يهتمون بالتطور التكنولوجي
إضافة إلى أن مشاهدة هذه الأفلام للأطفال بلغتنا العربية تجعلهم يتعلمون اللغة العربية الفصحى بطريقة سليمة وذلك افتقدوه في المجتمع من حولهم
أيضا مشاهدة الأطفال لهذه الأفلام تجعل الخيال لديهم يزيد ويصبح التفكير لديهم أكثر ويستطيعون حل المشاكل التي تواجههم بسهولة
فمن خلال هذه الأفلام يتم اكتساب الأطفال معلومات كثيرة سواء ثقافية أو تعليمية، ويأخذون دروس معينة من قصص بسيطة يتم عرضها من خلال أرنب أو دب أو غيرها من الأشياء المحببة للأطفال.

ما هي سلبيات الرسوم المتحركة للأطفال؟
الأفلام الكرتونية التي يشاهدها الأطفال وارد أن تكون أفلام عنيفة وتعلمهم العنف وعمل جرائم معينة، إضافة إلى أن
أسلوب أغلب الأفلام الكرتونية معتمد بشكل أساسي على التلقين وليس الاكتشاف وبالتالي لم يكتسبوا مهارات جديدة تفيدهم في طفولتهم، فالأطفال يحتاجون إلى تعلم مهارات جديدة مثل القراءة والكتابة ومهارات تعبر عنهم وهذه الأفلام تعطل عقولهم عن التفكير
أيضا من خلال هذه الأفلام يتم اندماج الأطفال بشكل كبير ويقضون أوقات طويلة في المشاهدة، وذلك يجعل أوقات جلوسهم مع الأسرة قليل وذلك مع الوقت يضعف الروابط الأسرية ، غير أن الجلوس أمام التلفاز لمدة طويلة يتسبب في ضعف حاسة البصر لديهم .
بالإضافة إلى ذلك إن قضاء الوقت الكبير أمام هذه الأفلام يؤثر على أوقات النوم ويجعلهم ينامون ساعات قليلة ويؤثر على التحصيل الدراسي لهم ، غير أن إدمان مشاهدة أفلام الرسوم المتحركة للأطفال في عمر 3 سنوات قد يؤثر على ذكائهم بشكل سلبي إضافة إلى أن أفلام الكرتون ترسخ للأطفال قيم بعيدة عن الإسلام ، وأيضا مشاهدة هذه الأفلام قد تعلم الأطفال التمرد والعصبية والعناد بشكل كبير .

العادات السليمة في مشاهدة الرسوم المتحركة
تم تحديد نقاط معينة من قبل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال عند مشاهدتهم لأفلام الرسوم المتحركة، سوف أذكر البعض منها :
يجب تحديد وقت معين لمشاهدة هذه البرامج
يجب على الأهالي عمل مناقشة وحوار مع أطفالهم وسؤالهم عن الأشياء التي استفادوا منها أثناء المشاهدة
تقليل أوقات المشاهدة للتلفاز وتبديله بالكمبيوتر وأيضا الخروج إلى المكتبات
يجب متابعة الأطفال ومعرفة ما يصلح مشاهدته والذي لا يناسبهم
يجب عدم دخول التلفاز في الثواب والعقاب حتى لا يجعل الأطفال يهتمون به أكثر
يجب جلوس الأم أو أفراد الأسرة مع الأطفال أثناء المشاهدة
يجب أيضا على الأهالي تقليل أوقات مشاهدة التلفاز

تعتبر الرسوم المتحركة سلاح ذو حدين فهي من جهة ممتعة ومحببة ومفيدة جدا للأطفال ومن جهة أخرى قد تكون
خطرة عليهم ولا ننسى تأثيرها العاطفي والنفسي عليهم وعلى سلوكياتهم ؛ لذا من الجميل أن نجعل أطفالنا يشاهدونها
ولكن من الضروري جدا اتباع العادات السليمة لحمايتهم
من تأثيراتها السلبية وذلك لا يأتي إلا بمراقبة الأبوين لأطفالهم في المحتوى الذي يشاهدونه بحيث يكون
محتوى تعليمي ايجابي هادف ويطور من مهارات الأطفال ويعلمهم سلوكيات حميدة نافعة لهم مع تحديد وقت مناسب
بحيث لا يكون طويلا لضمان المحافظة على نشاط الدماغ عند الأطفال ولا يكون هو المحور الأساسي لهم في يومهم بل إدخال مصادر تعليمية أخرى كالقراءة والرسم والكمبيوتر أحيانا مع ضرورة الحصول على التغذية الراجعة فيما تعلموه أطفالنا من هذه المصادر كلها فهي إن لم تكن ذات فائدة لهم فهي لن تكون سوى مضيعة
للوقت بلا فائدة
بل يجب على الوالدين استغلال وقت أطفالهم وحبهم للرسوم المتحركة بتعليمهم وتوجيههم وتوعيتهم إلى كل ما هو
ايجابي ومفيد حتى يكون لهم قدوة حسنة في حياتهم فهم الثمرة التي تنضج بما نسقيها وتعطينا الثمار الصالحة التي
تبني المجتمع كاملا فبصلاحها يصلح وبفسادها يفسد المجتمع لذا يجب أن تكون الأساسات سليمة وصحيحة لكي يكون البناء مستقيما

زر الذهاب إلى الأعلى