عصر التريند المخيف..ترِند الصور بالذكاء الاصطناعي

ديرتنا – عمّان
الكاتبة الإعلامية :- ليندا المواجدة
في زمن أصبحت فيه التكنولوجيا قادرة على كسر حدود الخيال اجتاح ترند الصور بالذكاء الاصطناعي منصات التواصل الاجتماعي ليمنح أي شخص فرصة الظهور في لقطة شبه واقعية بجوار نجومه المفضلين أو مع أحبائه الذين فقدهم، أو حتى مع نفسه وهو طفل.
وقد أطلق تطبيق Google Gemini موجة جديدة من الترندات المرئية على السوشيال ميديا بفضل ميزته Nano Banana القادرة على إنتاج صور بورتريه واقعية بتقنية شبيهة بالـ4D.
في الأيام الأخيرة شهدت منصات التواصل الاجتماعي ظاهرة أثارت جدلاً واسعًا تمثلت في تداول صور معدلة تجمع الأحياء بأحبائهم الراحلين حيث امتلأت الصفحات بصور شباب وفتيات يضعون صور آبائهم أو أمهاتهم أو إخوتهم إلى جانب صورهم الحالية في محاولة لإعادة بعض الدفء الغائب.
وصلتني إحدى هذه الصور – مرفقة أدناه – والخاصة بي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي كإعلامية وكانت بالنسبة إلي صادمة ومخيفة جدًا ، شعور غريب أن ترى نفسك في مشهد لم تعشه، أو مع أشخاص لم تعرفهم ومع ذلك تظهر ملامحك بكل بساطة ، الأكثر وجعًا أن التطور صار قادرًا على سرقة صورتك ووضعها بأي مكان مع أي شخص وعلى أي هيئة والكل يركض وراءه وكأنه شيء طبيعي.
المشهد قد يبهرك لحظة لكنه يكشف عن مستقبل مخيف فيه الخصوصية مهددة والذاكرة الإنسانية مهددة وحتى إحساسك بذاتك ليس آمنًا.
استخدام هذه التقنية يحمل دلالات نفسية عميقة خاصة للشباب ، الصور مع المشاهير أو الأهل المتوفين تعكس رغبة في الهروب إلى عالم خيالي، حيث يسعى الأفراد لإضفاء لمسات مثالية على حياتهم اليومية ، لكن هذا التوجه قد يخلق فجوة بين الواقع والخيال ويعزز شعور الشخص بعدم الرضا عن حياته الحقيقية.
الاستخدام المفرط لهذه التقنيات قد يؤدي إلى آثار نفسية سلبية ويزيد الانفصال بين الفرد وواقعه ، وعدم الموازنة بين الواقع والخيال ، يجب أن يدرك الأفراد أن هذه الصور ليست سوى تمثيلات رقمية وأن استمرار التأثر بها قد يخلق شعورًا بالعزلة أو اضطرابات نفسية في بعض الحالات.
في زمنٍ أصبح الترند هو معيار الأهمية صرنا نعيش وسط زوبعة يومية من المواضيع الساخنة تتحكم بمشاعرنا وتوجّه اهتماماتنا، بل وتفرض علينا ما يجب أن نراه ونسمعه ونصدقه.
عصر الترند مخيف، لأنه سلب منّا قدرتنا على التفكير النقدي وجعلنا أسرى للمحتوى الأكثر انتشارًا مهما كان سطحياً أو حتى مضللاً ، صار الترند هو المعلّم، والقدوة، والناقد، والحَكم ، يقيمنا وفق ما نحظى به من إعجابات ومشاهدات ويختصر إنسانيتنا كلها في تفاعل إلكتروني عابر.
في عصر الترند المخيف نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى أن نعيد تعريف أولوياتنا أن نطرح الأسئلة قبل أن نضغط زر المشاركة أن نتحقق قبل أن ننجرف وأن ندافع عن قيمة الوعي في زمن لا يحتفي إلا بالانتشار.
لعلنا اليوم مطالبون بأن نكبح رغبتنا في اللحاق بكل ما هو شائع وأن نتذكر أن ما يستحق الاهتمام لا يقاس بعدد المشاهدات بل بقدر ما يتركه في وعينا من أثر حقيقي ونافع ، في الوقت الذي تثير فيه هذه الظاهرة جدلاً نفسيًا واجتماعيًا لا يمكن تجاهل الجانب العملي والخطر الفعلي على حياتنا اليومية خطورة خصوصية البيانات والتخزين أصبحت مبدئية فهذه التطبيقات تمثل نقطة دخول محتملة لاختراق أنظمة البيانات والتطبيقات الأخرى الاعتماد الكلي على التطبيقات الذكية يضعف قدرتنا على التفكير المستقل ويزيد من الاتكالية وحتى الأمور المالية أصبحت معرضة للخطر بسبب هذه التطبيقات.
من المهم أن يكون هناك وعي عالمي وتشريعات تحمي المستخدمين قبل أن تتوسع هذه التقنيات أكثر الصور ليست مجرد ترند أو مزحة عابرة هي انعكاس لمستقبل يتطلب وعيًا وحذرًا كلما ابتعدنا عن الماضي البسيط والواقعي صارت اللحظات الحقيقية أغلى وأصدق لأنها الشيء الوحيد الذي لا تستطيع التكنولوجيا تزويره هذه التكنولوجيا تقدم لنا الكثير، لكنها تحمل في طياتها أسئلة عميقة عن الخصوصية والهوية والإنسانية نفسها .
مو كل شي ترند يعني مهم، ومش كل شي عليه مشاهدات يعني مفيد ، خلي عنا شوية وعي عشان نعرف نميّز ونظل محافظين على قيمنا بعيد عن موجة الترند اللي ما بترحم .