مقالات

علي كريشان يكتب: الثقافة ودورها في الترويج السياحي لمدينة العقبة

ديرتنا – العقبة – كتب علي كريشان/ رئيس جمعية ايلة للثقافة والفنون

تُعدّ مدينة العقبة جوهرة الأردن الجنوبية، وبوابة البلاد إلى البحر الأحمر، وملتقى التاريخ بالحاضر، والبحر بالصحراء، والإنسان بالثقافة. فهي ليست مجرد وجهة بحرية يقصدها الزوّار للاستجمام، بل فضاءٌ ثقافيّ نابض، يعكس هوية الأردن المتنوعة، ويجسّد حضارته العريقة الممتدة عبر العصور.

لقد أدرك العالم اليوم أن السياحة لا تزدهر بالمواقع الجغرافية وحدها، بل تحتاج إلى روحٍ تُنعشها، وتلك الروح هي الثقافة. فالثقافة تُقدّم المدينة بصورةٍ إنسانية متكاملة، تروي حكاياتها، وتُبرز ملامحها الفنية والاجتماعية، وتجعل الزائر يعيش التجربة لا يمرّ بها مرورًا عابرًا.

في العقبة، تتجلّى فرص الدمج بين الثقافة والسياحة بوضوح. فإحياء الموروث الشعبي كالحرف اليدوية، والموسيقى التراثية، والمأكولات المحلية، وتنظيم الفعاليات الثقافية كالمهرجانات والمعارض والأمسيات الأدبية، كلها تشكّل عناصر جذب سياحي فريدة. كما تسهم في دعم المجتمع المحلي وتمكينه اقتصاديًا واجتماعيًا من خلال التفاعل المباشر مع الزوّار.

إن إقامة مهرجانات ثقافية في العقبة — مثل مهرجان الفنون البحرية، ومعارض الحرف التراثية، والأمسيات الشعرية والفكرية — يعزز الصورة الذهنية للمدينة بوصفها مركزًا ثقافيًا وسياحيًا في آن واحد. وتلك الأنشطة لا تُنعش فقط الحركة التجارية والسياحية، بل تبني جسورًا من التفاهم والتبادل الثقافي بين الشعوب.

كما يمكن للمؤسسات الثقافية والفنية، مثل الجمعيات والمراكز المحلية، أن تلعب دورًا مهمًا في هذا السياق من خلال تنظيم برامج تفاعلية تربط الزائر بتاريخ المكان، وتقدّم له تجربة أصيلة تمزج بين الجمال الطبيعي والثقافي للمدينة. فالسائح المعاصر يبحث عن التجربة المميزة التي تحمل في طياتها قصة وهوية، لا عن الصورة فقط.

ختامًا، إنّ الثقافة ليست مكمّلًا للسياحة، بل هي شريكها الحيوي. فحين تتزيّن العقبة بثقافتها وفنونها وإبداع أهلها، تتحوّل من مدينةٍ بحرية جميلة إلى وجهةٍ عالمية نابضة بالحياة، تستقطب العقول والقلوب معًا. إن الاستثمار في الثقافة هو استثمار في ذاكرة المكان، وفي مستقبل السياحة المستدامة، وفي روح العقبة التي تزداد إشراقًا كلما تماهت مع تراثها وهويتها الأردنية الأصيلة

زر الذهاب إلى الأعلى