اعلى الصفحةالرئيسي

كنز العقبة الأزرق… على أعتاب التراث العالمي

ديرتنا – العقبة –  تحت عنوان “كنز العقبة الأزرق… على أعتاب التراث العالمي” كتبت المهندسة ندى أبو عبده:

هل تخيلت يوماً أن ترى متحفاً حيّاً تحت سطح البحر؟

جنوب مدينة العقبة، وعلى امتداد سبعة كيلومترات، ترقد محمية العقبة البحرية كجوهرة طبيعية تأسر الأنظار. هنا تتنفس الشعاب المرجانية بألوانها المبهرة، ويعيش أكثر من 150 نوعاً من المرجان الصلب و120 نوعاً من المرجان الطري، وحولها تسبح أكثر من 500 نوع من الأسماك، بعضها لا يُشاهد إلا في هذه البقعة النادرة من البحر الأحمر.

ما يميز هذه المحمية ليس فقط تنوعها البيولوجي المدهش، بل قدرتها الفريدة على مقاومة التغير المناخي. ففي وقت ينهار فيه كثير من الشعاب المرجانية حول العالم أمام ارتفاع درجات الحرارة، أثبتت شعاب العقبة أنها من الأكثر صموداً ومرونة، لتتحول إلى مختبر طبيعي يلهم العلماء والباحثين في كل مكان.

لكن، كيف يمكن الحفاظ على هذا الكنز؟

الأردن وضع منظومة حماية دقيقة تشمل منع الصيد في مناطق محددة، وتشجيع استخدام معدات صيد قابلة للتحلل، إضافة إلى برامج تدريب ودعم للصيادين. كما أنشئت حدائق مطرية وسدود حجرية للحد من التلوث، وزُوّدت المحمية بأجهزة مراقبة لحرارة المياه ومستوى سطح البحر، مرتبطة ببرامج دولية مثل NOAA وGLOSS، لتوثيق التغيرات المناخية بشكل مستمر.

ولأن الإرث الطبيعي لا يعرف الحدود، جاء الاهتمام الملكي ليضع المحمية على أعتاب العالمية. فقبل أيام، التقى سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني مع خالد العناني، المدير العام المنتخب لليونسكو، وأكد خلال اللقاء أهمية المضي قدماً في ملف إدراج محمية العقبة البحرية على قائمة التراث العالمي. هذا اللقاء يعكس أن حماية البيئة ليست مشروعاً محلياً فحسب، بل التزاماً أردنياً نحو العالم بأسره.

إدراج المحمية سيعني الكثير: حماية دولية لشعابها النادرة، تعزيز مكانة العقبة كوجهة للسياحة البيئية والغوص، دعم الاقتصاد المحلي بطرق مستدامة، وفتح أبواب البحث العلمي أمام طلاب وعلماء من مختلف أنحاء العالم.

من وجهة نظري، هذا الإنجاز المرتقب ليس مجرد اعتراف عالمي بمكانة العقبة، بل هو شهادة على وعي الأردن بأهمية التوازن بين التنمية وحماية الطبيعة. أشعر بالفخر أن هذه المحمية في طريقي وبيئتي ووطني، وأؤمن أن نجاحها يعتمد علينا جميعاً: على وعي المجتمع المحلي، والتزام الزوار، وإصرار المؤسسات. فالمحمية ليست مجرد بحر… إنها أمانة، ورسالة، وإرث يجب أن يُصان للأجيال القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى