مقالات

العقبة..الحجاج يكتب: المواطن لم يكن ينتظر العشرين دينارًا… بل كان ينتظر تحقيق حلمه

ديرتنا – العقبة – كتب معمر الحجاج :

قرار سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بإرجاع مبلغ العشرين دينارًا الذي دفعه المواطنون كرسوم لمعالجة طلبات الحصول على أراضٍ مدعومة، أثار موجة من التساؤلات أكثر مما جلب من ارتياح. فالقضية في جوهرها ليست مالية، والمواطن لم يكن ينتظر هذا المبلغ البسيط، بل كان ينتظر تحقيق الحلم الذي ارتبط بتلك الرسوم: حلم امتلاك قطعة أرض صغيرة يستطيع أن يبني عليها بيتًا لعائلته ويستقر فيه بكرامة.

الناس حين دفعت هذه الرسوم، لم تكن تنظر إليها كثمن خدمة، بل كخطوة أولى في طريق الأمل. كان هناك شعور عام بأن مشروع الأراضي المدعومة سيكون نافذة حقيقية لتجسيد رؤى جلالة الملك في تمكين المواطن وتحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن بعد مرور سنوات، انتهى الأمر بإعلان استرجاع المبالغ بدل استكمال المشروع.

هذا القرار، رغم أنه قانونيًا وإداريًا قد يبدو تصحيحًا لإجراء سابق، إلا أنه في الوعي الشعبي يمثل تراجعًا عن وعد، ويعكس حالة من الارتباك في الإدارة والتخطيط. المواطن يتساءل اليوم: كيف تم جمع الرسوم قبل أن تتضح الرؤية التنفيذية؟ وكيف جُمّد المشروع لسنوات دون توضيح مصيره؟ ثم لماذا جاء القرار بعد هذا الوقت الطويل ليعيد المبلغ دون أن يقدم بديلًا واضحًا؟

القضية ليست في الرقم، بل في الرمزية. فالعشرين دينارًا كانت بالنسبة للمواطن عربون ثقة في مؤسسات الدولة، وإعادة المبلغ اليوم قد تُفهم – للأسف – كإقرار بفشل تلك المؤسسات في إدارة المشروع كما يجب.

من الطبيعي أن تتغير الخطط أحيانًا، لكن من غير الطبيعي أن تُجمّد طموحات الناس دون شرح أو مبرر منطقي. فالمواطن الأردني لا يطلب المستحيل، ولا يعارض القرارات إذا فُسرت له بوضوح وشفافية، لكنه يشعر بالإحباط حين تتخذ المؤسسات قرارات متناقضة، وكأنها لا تعي أثرها النفسي والمعنوي على الناس.

الأردني اليوم لا يبحث عن “رد رسوم”، بل عن استمرارية في الرؤية والتنفيذ، عن إدارة تخطط وتتابع وتوضح، لا إدارة حكومية سابقة تُصدر قرارًا ، ثم تعود عنه إدراة جديدة و بعد خمس سنوات من قرار الإدارة السابقة!!!!. فالإدارة الرشيدة لا تُقاس بحجم الموازنات، بل بقدرتها على الحفاظ على ثقة المواطن، وهذه الثقة تُبنى بالثبات والصدق والالتزام بالوعود.

إرجاع العشرين دينارًا لن يحل المشكلة، لكنه يجب أن يكون جرس إنذار لمراجعة آليات العمل داخل المؤسسات، وإعادة النظر في طريقة التعامل مع مشروعات الناس وأحلامهم. فكل مشروع يُعلن ثم يُجمد دون سبب واضح، يترك أثرًا في وعي المجتمع لا يمكن إصلاحه بسهولة.

المطلوب اليوم ليس فقط الاعتذار أو التبرير، بل خطة بديلة واضحة تعيد الثقة وتثبت أن مؤسساتنا قادرة على التعلم من أخطائها. فالمواطن الذي انتظر الأرض لا ينتظر المال، بل ينتظر رؤية تتحول إلى واقع، وأمل يجد طريقه إلى التنفيذ.
نسأل الله أن يحفظ الأردن أرضًا وسماءً وبحرًا، وأن يصون الشعب الأردني العظيم الذي صبر وبنى وآمن بوطنه رغم كل الصعاب.
سيبقى الأردن أولًا وأخيرًا،

زر الذهاب إلى الأعلى