اضاءات

العودة للوطن 105…التغريب في الوطن

ديرتنا – عمّان

رياض غوشه

خلال زيارتي الشهريه للمتجر الكبير “Super Market ” لاحظت ان الموظفين يلبسون سترات جديده مكتوب عليها من الخلف باللغه الأنجليزيه “أذا كنت تريد مساعدة أسألني”, الأمر استفزني واتجهت مباشرة الى أقرب موظف منّي وبدأت أحادثه باللغة الإنجليزية سائلا عن مكان بعض الأغذيه المعلبة التي أبحث عنها” فقال لي بالعربي “لحظه شوي”, وذهب واستدعى زميلاً آخر له, و الذي قال بالعربية بعد أن حدق بوجهي الشرقي ” كيف ممكن أساعدك” فأعدت عليه بالإنجليزية ماطلبته من زميله, فقال لي “تفضل معي” وأخذني حيث أستطيع أن اجد ما أبحث عنه.

سألت عن مدير المتجر المعروف والذي يملك فروعاً عديدة في الوطن وقصصت عليه ما حصل معي متسائلا “مادامت لغة تواصلكم مع عملائكم باللغة الإنجليزية فقط فلماذا لاتعطون موظفيكم دورات في اللغه الإنجليزية حتى يستطيعوا مساعدة زبائنكم!!!”, ودون انتظار للرد وجهت له سؤالاً آخر “كم نسبة عملائكم الذين يتكلمون اللغه الإنجليزية فقط” فقال بعد تفكير قصير ” ليس بالكثير ممكن خمسة بالمئة” فقلت له “وهل خدمة العملاء لديكم تقدم فقط لهؤلاء الخمسة في المائة” هنا علا صوته مؤكداً ما يقوله ” أبدا نحن نخدم الجميع ونساعد كل الناس”
وبعد ذلك اعتذر:
” أنا آسف , إنني أفهم ماتريد أن تقوله, بس الأمر ليس بيدي” فأجبته قائلا : ” الرجاء إبلاغ أصحاب العمل أو حتى إدارة التسويق عن هذا الموضوع مع شكري لتفهمك ووقتك”.

التشبه بالغرب تراه في كل مكان فلو دخلت أحد الأسواق الكبيرة متعددة الطوابق “Mall” ترى أن النسبة الأكبر من المعارض والمحلات أسماؤها التجارية غربية ويكتفون باللغة الأنجليزيه وإذا كانت اللغة العربية موجودة على اليافطة “Sign” فتكون ترجمة لصوت نطق الاسم الإنجليزي وليس ما يعنيه فمثلا لو كان اسم المحل “Fusion” يكتب بجانبه بالعربية “فيوجين” . في داخل هذه المحلات كل شيء باللغة الإنجليزية ابتداءً من الأسعار وحتى اليافطات التي تدل عل غرف القياس ومكان الدفع وأن هناك خصومات و غير ذلك, وكنوع من المشاكسة سألت أحد الموظفين :
” أين غرفة القياس ؟ ثم سألته كم مرة يوجه لك هذا السؤال ؟ ” فقال : كثيراً . قلت له :
” ريحوا أنفسكم واكتبوا فوق الغرفة بالعربي (غرفة القياس) بدلا من (Fitting Room)” .

في الأسواق وعلى الطرقات كاسة القهوة العربية “12 أونص” سعرها نصف دينار لكن إذا اشتريت كاسة قهوة “لاتيه, أو كاباتشينو” أو أي اسم غربي آخر يبدأ السعر من 3 دنانير ومافوق!
ساندويتش الشاورما الكبير بسعر دينار ونصف, إذا وضعت نفس اللحمة في خبز فرنسي وأطلقت عليها اسماً غربياً يرتقع سعرها إلى 3 دنانير ونصف.

في الجهة المقابلة نرى أن شركة مثل أيكيا كل وسائل تواصلها المطبوعة والمعلقة باللغة العربيه وبخط كبير وبخط أصغر باللغة الأنجليزيه حتى المطعم الذي يحب أهلنا في الوطن أن يفطروا به يقدم الفلافل والحمص والفول والبيض المقلي.

هناك الكثير من الشركات والمنتجات الوطنيه المعروفة والتي وصلت إلى الأسواق العالمية تحرص على لغتها العربية وصورتها الشرقيه وتحرص على أن تكون بأجمل شكل ومعنى وعلى سبيل المثال
(حلويات زلاطيمو وحلويات الحموي ) . بالأمس كنا في زيارة معرض لمنتجات الحرف الفنية في فندق امبسادور و الذي افتتح من جديد بعد إعادة تجديده وقد أعجبت كثيرا لحرص ملاك وإدارة الفندق بتزيين الجدران باللوحات الفنيه الكبيرة التي تتميز بفن الخط العربي والتقيت بمدير الفندق السيد بلتاجي وأعربت عن شكري وتقديري لاهتمامهم بفن الخط العربي فأخذني مشكوراً في جولة لأطلع أكثر على كيفية استخدام الشعر العربي بالخط الكوفي والزخرفة الإسلامية في الممرات والقاعات المختلفة.

أدعو الله سبحانه وتعالى أن ينير قلوبنا وينمي وعينا ويعطينا البصيرة لنرَ خير ما كرمنا به من لغة تعد الأغنى والأرقي في العالم وهي لغة كتابنا المقدس.

رياض غوشه
3 فبراير 2023
فيسبوك: رياض غوشه – العودة للوطن

زر الذهاب إلى الأعلى