مقالات

في ذكرى رحيل الحسين الباني…ذكرى الوفاء والبيعة

ديرتنا – عمّان
الدكتور محسن أبو عوض

تصادف اليوم السابع من شباط الذكرى الرابعة بعد العشرين لرحيل أغلى الرجال وزعيم قادة العرب المغفور له الملك الحسين بن طلال الذي أفضى إلى جوار ربه راضيًا مرضيا بعد حياة لا تقاس بتعداد سنواتها بقدر ما تقاس بحجم الانجازات والمكتسبات التي حققها للمملكة عبر نصف قرن من حكمه ملكًا عربيًا هاشميًا قاد الأردن بهمّة الشباب وحكمة الشيوخ واستطاع رغم شُح الامكانات وندرة الموارد أن يجعل منه وطنًا ورقمًا صعبًا على خارطة الدول العالمية وأصبحت بذلك التجربة الأردنية محط أنظار الدول العربية والأجنبية الذين فاجأتهم نوعية الانجازات التي اشتملت مختلف مناحي الحياة التعليمية والصحية والفنية والرياضية لتتأكد رؤيته رحمه الله ومقولته “إن الإنسان أغلى ما نملك” حيث كان مؤمنًا بأن العقل الأردني ثروة لا تقدر بثمن علمًا وفهمًا وأخلاقًا وانتماءً.

في ذكرى ميلاد الراحل الكبير جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، يستذكر الأردنيون جميعا زعيما عظيما وقائدا فذا وبانيا متفانيا كرس حياته وجهده لخدمة بلده وشعبه وأمته بدأب ومثابرة ونكران ذات ندر أن يكون في عالمنا وفي علاقة كتلك التي ربطت الملك الراحل بشعبه الوفي الذي بادله حبا بحب وولاء ووفاء، فهذه الذكرى الخالدة في نفس كل أردني وأردنية، وفي وجدان كل عربي حر، تبقى إحدى المحطات الخالدة في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية والممتدة – زمنا – منذ الرابع عشر من تشرين ثاني 1935 حتى السابع من شباط من العام 1999، والباقية عطاء وانجازا وبطولات وإنسانية وصدق ووفاء، على مدى الأيام والسنوات. كيف لا، ونحن نؤمن أن الخالدين أمثال أبا عبد الله، وان غابت أجسادهم عن ناظرنا فتكلم هي أرواحهم وصفائح أعمالهم الخالدة وانجازاتهم العطرة التي تبقى تحوم فوقنا وتذكرنا بهم كل حين وصبح ومساء.

تجاوز الأردن حزنه بفتح صفحة جديدة كان عنوانها مواصلة البناء وتعزيز ما أنجزه الحسين، فآلت الراية إلى يد جلالة الملك المعزز عبد الله الثاني ابن الحسين الذي انطلق بهمة لا تلين وعزيمة لم تتوقف، وها نحن نرى في كل مكان منجزات جلالته التي شملت مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والثقافية، وسواها.

لقد حقق الأردن إنجازات كبيرة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني في مختلف المجالات وبخاصة الاقتصادية منها بالرغم من الظروف والتحديات الصعبة التي واجهتها المملكة ؛ حيث أن جلالته ومنذ تسلمه سلطاته الدستورية عمل على تحفيز روح الإبداع والريادة ودعم إقامة علاقات تعاون ومشاركة بين القطاعين العام والخاص .

يعتبر الأردن اليوم وبفضل الجهود الملكية في مصاف الدول التي يُشهد لها بتطبيق السياسات التنموية المتميزة لرفع مستوى المواطن ، وتحقيق التنمية الشاملة وتوزيع مكتسباتها على الجميع ؛ حيث عمل جلالته على تطوير الاقتصاد الأردني ليزدهر وينفتح على الأسواق العالمية والإقليمية ، وسعى وبمختلف الطرق لتمكين الشركات الكبرى لفتح آفاق واعدة لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز المكتسبات .

إن الجانب الاقتصادي يستحوذ على اهتمام جلالة الملك ؛ ذلك أن التطور في الاقتصاد يعتبر الحل الأمثل لمعالجة المشكلات التي يعاني منها الأردن ، وفي مقدمتها الفقر والبطالة ، ولتعزيز مكانة المملكة كدولة واعدة في المنطقة قادرة على استقطاب الاستثمارات المختلفة من خلال المزايا والحوافز التي تم توفيرها في إطار سياسة الإصلاح وتحفيز النمو الاقتصادي .

لقد استطاع جلالة الملك عبد الله الثاني أن يلفت انتباه العالم كله إلى الأردن وتسارع مستثمرون العالم لتنفيذ مشاريعهم التي ما كانت لتكون على ارض المملكة لولا جهود جلالته المتواصلة للحفاظ على مستوى متقدم من الرفاه والنعيم لأبناء شعبه، ونال الإنسان الأردني دعما ورعاية عظيمة إيمانا من جلالته إن الإنسان هو المحرّك الأول لدفع عجلة التنمية إلى الأمام .

هذا ومن ناحية أخرى ، فقد بقيت القضية الفلسطينية قضية الأردن الأولى وكانت على رأس أولويات جلالته وما توانى عن مد يد العون الإنساني لأبناء الشعب الفلسطيني فكان نبضهم الحي إيمانا منه بالتوأمة التاريخية بين الشعبين الشقيقين ، حيث وضح وباستمرار أنه قضية فلسطين هي القضية المركزية وهي مفتاح السلام والأمن والاستقرار في المنطقة ، وهي رسالة هاشمية مُتجذرة وتاريخية متوارثة ، ولن يتم التنازل عن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية .

زر الذهاب إلى الأعلى