مقالات

أحدهم فوق الشجره !

ديرتنا – عمّان

د.أروى الحمايده

كنت اقتنع أن الحالمين هم من يغيرون وجه الكون. سواء كانوا رسلاً , فنانين, كتاب, معلمين او حتى سياسين. ولي صديقه تنذرني دوما بانني ارى العالم من فوق غصن شجرة هش لا بد له ان يوقعني. كانت تقول ان علي ان اترجل من على الشجرة واناظر عين الواقع والذي لا مكان فيه للحالمين! والله كنت انزعج من نظريتها رغم أن صوتا بداخلي يحثني على التصديق, ولم افعل حتى وانا بهذا العمر لا زلت لا افعل…

المهم حكاية صغيره ذكرتني بنظرية الشجره, حكاية جداً واقعيه وشخوصها نعرفهم ونراهم يوميا ربما! احد هؤلاء الذين مثلي ينسجون ايقاع حياتهم فوق الشجره حدثني قبل عدة ايام عن تجربته: والقصه انه شخص مختلف وخلاق ولديه رؤيه تخص عمله وهو بالمناسبة اكاديمي غير نمطي وهذه لعنته! المهم أن أخانا هذا الحالم صاحب الأفكار والشغف تنقصه خصلة واحده وهي الواسطه. حدثني عن بورصة الأسماء المتوقعه في مؤسسته وأنا بطبع ثقافة الشجره اشرت عليه أن يستجمع شجاعته وافكاره ومنظوره ويذهب بنفسه للمسؤول عارضا عليه ان يمكنه من تنفيذ افكاره. صديقنا نزل من فوق شجرته وتبع نصيحتي التي هي الأخرى لم تبارح غصنها فوق الشجره!

قابله رئيسه بوجه بشوش ورحب به وسأله عن مسألته فبدأ صاحب الشجره بالأسترسال وشرح تصوره لأحد المواقع وخطته الواضحه للتطوير والتفعيل, لا بل وزاد عليها أن للمؤسسه الحق بتقييمه بناء على مخرجات عمله العامة المحددة. لقد سمعه مشكورا حتى النهاية , لم يناقشه أو يقاطعه وأظنه ما أنصت لمضمون الكلام !

المهم أن نهاية اللقاء كانت زياره لطيفه حاز بها صاحب الشجره على ثلاثين دقيقه وفنجان قهوه. قد اخبره سعادة المسؤول ان افكاره لا تحتاج لموقع للتنفيذ وان بامكانه ان ينفذها وهو قابع بمكتبه وكأن سعادته لا يعلم انه بكوكب المريخ حتى هو قدم بدعم وان كلماته تسمع بسبب كرسيه وليس بسبب فكره او عمله وانجازه. عاد صاحبنا الى ظل  شجرته يحث مخيلته على التجديد والخروج من عبثية الواقع. قد قال: هم يستطيعون بالطبع محاصرة المبدعين في مواطن اعمالهم والتضييق عليهم واحيانا الأساءة  اليهم وعرقلة اعمالهم لكنهم بالطبع لا يستطيعون خنق احلامهم.

الحالمون لا يغيرون فقط وجه الكون بل يغيرون تاريخ موتهم. الحالمون لا يموتون….

زر الذهاب إلى الأعلى