اعلى الصفحةالرئيسيعربي دولي

ضجة واسعة في كيان الإحتلال ودعوات لاستقالة نتنياهو بعد استنكاف واشنطن عن الفيتو

ديرتنا – رغم أن القرار الأممي بوقف فوري للحرب على غزة خلال رمضان هو قرار غير ملزِم فعلياً – بحسب ما يصرحون به –  لكن امتناع الولايات المتحدة عن إسقاطه بفرض حق النقض الفيتو أثار حالة من الإرباك والقلق لدى أوساط غير قليلة، خاصة غير الرسمية، داخل إسرائيل، وسط مؤشرات وشكوك بأن رئيس حكومتها معني بهذا السجال المعلن، ويحاول ترجمته لنقاط سياسية شخصية لدى جمهوره الحزبي، وبعدما اختار نتنياهو مواصلة التصعيد اللفظي مقابل الإدارة الأمريكية بإعلانه قرار عدم إرسال الوفد الوزاري، الذي كان يفترض أن يسافر اليوم لواشنطن من أجل التباحث في موضوع اجتياح رفح والبدائل الممكنة.

ويشار إلى أن الموقف الأمريكي في الأمم المتحدة، أمس، جاء على خلفية الخلاف المعلن حول رفح، فقد قالت نائبة الرئيس كامالا هاريس، قبل ثلاثة أيام، إن هذه ستكون غلطة كبيرة من شأنها تعميق عزلة إسرائيل في العالم، فسارع نتنياهو للرد عليها بصوته وصورته متحدياً الموقف الأمريكي، قائلاً إن إسرائيل ذاهبة لاجتياح رفح بكل الأحوال.

محلل إسرائيلي: أيّ الزعماء يجرؤون على تهديد رئيس الولايات المتحدة؟ الزعيم الإيراني والشمال كوري. لكنهما، بخلاف نتنياهو، لم يتلقيا دعماً عسكرياً إستراتيجياً

وقال الوزير عضو مجلس الحرب بيني غانتس معقباً إن البعثة الوزارية الإسرائيلية ينبغي أن تسافر لواشنطن، ومن المفضّل أن يقودها رئيس الوزراء نتنياهو بنفسه.

وتابع غانتس في تغريدته: “على إسرائيل واجب أخلاقي بمواصلة القتال حتى استعادة المخطوفين وإزالة تهديد “حماس”، ولكن ومع ذلك فإن علاقاتها مع الولايات المتحدة هي ذخر لها من المحظور التنازل عنه”.

في المقابل، قال وزير المالية والوزير الإضافي في وزارة الأمن باتسلئيل سموتريتش إن امتناع الولايات المتحدة عن استخدام “الفيتو” يصبّ الماء على طاحونة “حماس” ويمس بالجهود لاستعادة المخطوفين.

في بيانه، قال سموتريتش أيضاً إن إسرائيل ليست دولة تحت وصاية أمريكية، وإن هذه ليست المرة الأولى التي تجد حكومة إسرائيلية نفسها لاتخاذ قرار مخالف لموقف الإدارة الأمريكية”.

وفي أول تعقيب له “تمنّى” سفير إسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد أردان للإذاعة العبرية أن تكون واشنطن قد أدركت خطأها”.

 وتابع: “تتفق واشنطن معنا بضرورة إسقاط “حماس”، وهذا هو السبب لخيبة الأمل. نعم حصل ضرر في الأمس، وأخشى أن تستغل جهات حقوقية القرار لملاحقتنا”. وخلص لاتهام الولايات المتحدة بالذات لا نتنياهو بـ “خلط الحسابات”، بترجيحه أن الامتناع عن الفيتو هو نتيجة حسابات أمريكية داخلية”.

لا تكن محقاً.. كن حكيماً

وجدّد رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” وزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان حملته على نتنياهو، بقوله للإذاعة العبرية إنه لا يفهم هذه الخلافات المعلنة. ويمضي في انتقاداته: “شهدنا في السابق اختلافات في الموقف، لكننا أبقيناها داخل الغرف بعيداً عن الإعلام. علينا تقليل الأقوال وزيادة الأفعال، وهذا ينطبق على رفح. الآن لا نملك قوات كافية لاجتياح رفح. والحديث عن احتلالها شعار فارغ.

كما يرجح ليبرمان أن نتنياهو يفعل ذلك عمداً لكسب نقاط مقابل جمهوره الحزبي. ويضيف: “هذه الحكومة أخذتنا نحو العزلة. نتنياهو يضحي بكل مقدرات إسرائيل على مذبح بقائه في السلطة”.

ولفت ليبرمان إلى أن موقف الحزبين في أمريكا متشابه اليوم، ما يعكس فشل سياسات نتنياهو. وقال إن “ترامب أيضاً يدعونا لوقف فوري للحرب”.

وكان دونالد ترامب قد أكد، في حديث لصحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، على ضرورة وقف الحرب بقوله في مقابلة واسعة: “فقط مجنون أو أحمق لا يردّ على السابع من أكتوبر. مع ذلك أدعو إسرائيل لوقف الحرب: عليكم وقف ذلك، والقيام بالعمل من أجل السلام”.

وشن عددٌ كبير من المحللين والمعلقين الإسرائيليين هجوماً حاداً على نتنياهو يحمّلونه مسؤولية التدهور الخطير في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. وقال المعلق السياسي في صحيفة “معاريف” بن كاسبيت إن نتنياهو يقامر بالذخر الإسرائيلي الذي لا بديل له: الولايات المتحدة. كما قال بن كاسبيت إن “نتنياهو مستعد للتضحية بالعلاقات مع أمريكا مقابل ربح شخصي إعلامي وسياسي قصير الأمد”، مشدداً على أن “كل يوم إضافي لنتنياهو في الحكم هو ضرر إستراتيجي لمستقبل إسرائيل”.

 حالة انكسار

وعبّرت “يديعوت أحرونوت” عن موقفها بانتقاداتها اللاذعة لنتنياهو بنشر رسم كاريكاتير بحجم كبير على صفحتها الأولى هذه المرة يبدو فيه نتنياهو صغيراً مقابل العملاق بايدن، وهما في حالة ليّ ذراع، وفوق الرسم كتبت “حالة انكسار”.

وقالت “يديعوت أحرونوت” في تقريرها عمّا حصل إن “هناك من يدّعي في واشنطن أن نتنياهو يلحق ضرراً بالعلاقات لاحتياجات سياسية، أما هو فغاضب على أمريكا، ويلغي الوفد لواشنطن”. وتضيف: “في السطر الأخير؛ هذا التحالف الأهم من كل شيء يهتز”.

فتى أمريكا المدلل

ويعتبر المعلق السياسي في الصحيفة ناحوم بارنياع أن نتنياهو يتواجه مع أمريكا كأنه فتى مدلل يواجه والده: دائماً في حالة تمرد، ويسكب كل أزماته الداخلية على الأمريكيين: قانون التهرب من الخدمة العسكرية، تهديدات بتفكك ائتلافه، وتردّي شعبيته في الاستطلاعات. في نهاية الأمور قال العم سام من أمريكا: كفى!

ويتابع بارنياع بسخرية: “نتنياهو طرح رفح كإمكانية فقط، من أجل إبقاء وعده بالانتصار المطلق على قيد الحياة. من وقتها لم يحدث شيء على الأرض في الجبهة. الأمريكيون محتاجون لرفح لذات السبب: أن يثبتوا أنهم يفعلون شيئاً، ولكن بالمعكوس”.

جمهور الهدف انتصر مجدداً!

  وتبعته زميلته المعلقة السياسية سيما كادمون التي تقول، اليوم، إن “القاعدة الشعبية الحزبية هي التي انتصرت”، وتتهم نتنياهو بخلط الحسابات: “يمكن الفهم أن أمريكا طعنته بظهره بسكين. لا أحد يدّعي أن من غير الممكن أن تصمم على موقفك عند الحاجة. السؤال كيف تفعل ذلك دون إدخال إصبع في عين الأمريكيين”.

وتتساءل كادمون بالقول: “هل هناك شيء لا يفعل بدوافع سياسية (فئوية)؟”.

الفأر الذي زأر

ويعبر المعلق السياسي بن درور يميني عن حدة موقفه في العنوان الذي اختاره لمقاله: “الفأر الذي يزأر”، الذي قال فيه إنه “قبل شهر، فرضت أمريكا الفيتو على مشروع قرار مطابق في مجلس الأمن، فما الذي تغير؟”.

عن ذلك يضيف: “هي الأزمة الآخذة بالتعمق بين إسرائيل والولايات المتحدة.. وبشكل أدق: الأزمة بين أمريكا وبين نتنياهو. نتنياهو محق. قرار مجلس الأمن لا يخدم السلام ووقف الدم. هذا دعم لحماس”.

وحسب يميني، فإنه ليس مهماً إذا كان نتنياهو محقاً في هذه النقطة، وهو محق هنا، فالأهم هو أن نتنياهو فعل كل جهد لتعميق الخلاف مع الولايات المتحدة بشكل مريب.

ويتساءل كيف تحولت الحرب الأكثر تبريراً، والتي حظيت بدعم العالم ضد تنظيم “إرهابي”، لأكبر انهيار دبلوماسي سياسي في تاريخ إسرائيل.

والجواب لدى بن درور يميني واضح: “نتنياهو الذي تهرّب من المسؤولية عن 7 أكتوبر، ووصل لحدّ اتهام كل الآخرين عدا نفسه، وربما يبلغ في توجيه الاتهامات إلى بن غوريون في قبره، هو المسؤول عن هذا الانهيار منذ مطلع الحرب”.

ويتابع: “كفى.. نحن في حضيض دبلوماسي هو الأخطر. كان واضحاً منذ اليوم الأول أن الانتصار في المعركة ربما ينتهي بخسارة الحرب، ونتنياهو مصمم على ذلك”.

يتساءل محللون إسرائيليون كيف تحولت الحرب، التي حظيت بدعم العالم ضد تنظيم “إرهابي”، لأكبر انهيار دبلوماسي سياسي في تاريخ إسرائيل

 ويخلص بن درور يميني لدعوة نتنياهو بالاستقالة: “سيدي نتنياهو ربما تكون لديك نوايا طيبة.. أن تبدي مواقف صارمة غير مهادنة مقابل الإرهاب، لكن ثمة أمراً ما تَشوّشَ في رجاحة العقل لديك. الائتلاف مع بن غفير وسموتريتش حوّلك لواحد منهم. هذا سيء لإسرائيل التي تقودها من فشل إلى فشل. ما زلنا قادرين على أن ننتصر معاً. لكن  معك احتمال الانتصار آخذ بالتناقص. ليتك تتركن وتريحنا منك”.

 نتنياهو ذخر السنوار

كعادته، وبأسلوبه الحاد كالسيف، قال محرر الشؤون الحزبية السياسية في صحيفة “هآرتس” يوسي فرطر متسائلاً: “أيّ الزعماء يجرؤون على تهديد رئيس الولايات المتحدة؟ الزعيم الإيراني والشمال كوري. لكنهما، بخلاف رئيس الحكومة نتنياهو، لم يتلقيا دعماً عسكرياً إستراتيجياً بدونه كانت تستصعب إسرائيل إدارة حرب في غزة. في هذه الساعات فإن نتنياهو هو الذخر الأكبر ليحيى السنوار”.

 شقاق مكشوف

 أما زميله محرر الشؤون العسكرية في “هآرتس” عاموس هارئيل، فاعتبر أن “منظومة العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة تحولت أمس لشقاق مفضوح”. لافتاً لوجود قلق كبير في المؤسسة الأمنية من تدهور العلاقات، ومن تدهور مكانة إسرائيل في العالم. في تلميح بأن بايدن باق في سدّة الحكم يوضح هارئيل أن الخوف أننا على عتبة مسيرة ستستمر سنوات، وسيكون من الصعب وقفها”.

 نتنياهو رجل الخراب والتدمير

وذهبت “هآرتس” لدعوة نتنياهو لتقديم استقالته، إذ قالت، في افتتاحيتها، اليوم الثلاثاء، إن “نتنياهو يستطيع إضافة أزمة دبلوماسية مع الحليفة الأكبر في سجل إخفاقاته المطنطنة”.

وتخلص “هآرتس” للقول: “على نتنياهو الاستقالة ومنح إسرائيل فرصة لإنقاذ ذاتها من الضرر الذي يلحقه بها. نرجو أن تكون استقالة جدعون ساعر إشارة لبدء سقوط الحكومة”.

القدس العربي – لندن (بتصرف)

زر الذهاب إلى الأعلى