مقالات

هل إنتهى عهد شوالات السكر .. !؟

ديرتنا – عمّان
بقلم الدكتور إبراهيم القريوتي – ميلانو / إيطاليا
هذه المقالة حول قضية سير و كيفية الإنتخابات النيابية في وطني تعود لشهر أكتوبر من عام 2020 ، حاولت من خلالها ملامسة الواقع و وضع النقاط على الحروف آملا في مستقبل أفضل يغير مفهوم الإنتخاب و التمثيل الحقيقي لقطاعات الشعب ، و أن تكون الإنتخابات البرلمانية مبنية على البرامج الوطنية و ليست على الخدمات و المحسوبية و تقديم الهدايا مقابل الحصول على الأصوات ، إلى غير ذلك من أمور كنا قد تعودنا عليها .. لكن على ما يبدو فإن الأوضاع لم تتغير و بقيت على ما كانت علية إن لم تكن تحولت إلى الأسوأ فيما يتعلق بكيفية الحصول على مقعد تحت قبة البرلمان.. ولهذا السبب أردت صياغة المنشور و طرحه من جديد لعل معشر الشباب في بلدي يتعظ من التجارب السابقة و يعود ليؤمن بحملة إنتخابية حضارية هدفها التكليف وليس التشريف!👇
أنا لا أعلم إذا كانت عدوى الرشوات و الفساد “الإنتخابي” و شراء أصوات الناخبين ؛ كانت قد إنتقلت من الشرق إلى الغرب ، أو العكس ؟ فهي تذكرني تماما بعدوى مرض الكورونا حيث لم نعلم بعد إذا كان المرض نفسه كان قد إنتقل من الصين إلى أمريكا أو عكس ذلك من أمريكا إلى الصين !!
ففي كلتا الحالتين وجد المرض وانتقلت العدوى ، وما زلنا نبحث عن الداء و الدواء .
وفيما يتعلق بوباء الرشوة وشراء أصوات الناخبين من أجل الوصول إلى المجالس النيابية ؛ كنت قد دعيت في الماضي إلى مأدبة عشاء بالقرب من العاصمة الإيطالية روما في إطار حملة إنتخابية لأحد المرشحين الحزبيين لمقاعد مجلس النواب الإيطالي الشهير بإسم ” Montecitorio ” وكانت سفر الطعام “الطاولات” مجهزة بفرشها الأبيض الجميل مع فوط أو “بشاكير” الوجبات ، تنتظر الزبائن الكرام من الناخبين .. وهنا وقعت المفاجأة ألغير منتظرة .. فكان تحت كل بشكير مثبت بصحن السيراميك الجميل ..كانت قطعة ورقية من فئة “الخمسون” يورو ، “حلالا” زلالا لكل من جلس على كرسيه لتناول طعام العشاء المجاني ،( و بحجة تغطية نفقات السفر ) ، وهذه الواقعة تم تناولها فيما بعد من قبل معظم وسائل الإعلام و الصحافة الإيطالية ، و أحيلت القضية إلى السلطات القضائية في هذه الدولة التي أعتبرها “الوطن الثاني” وفي وسط من الحرج و الخجل !!
هذه التجربة عادت بي إلى طفولتي و نعومة أضفاري عندما كنت أرى العديد من المرشحين في وطني الأم “الأردن” يدخلون بيوت الأقارب و أبناء العشيرة وكانوا يطلبون كالعادة “الفزعة” مصطحبين معهم شوال السكر أو الرز .. حسب مكانة أو درجة القرابة .. و أذكر أن العائلات المستورة كانت تحظى في غالب الأحيان بورقة من فئة الخمسة دنانير .! ، هذا كان واقعنا الذي عشناه في الماضي ..
ما أقرب الماضي من الحاضر ؛ وما أشبه اليوم بالأمس وما أشبه أوجه الفساد في الشرق أو في الغرب على حد سواء ! ، فالهدية المادية و العينية هما وجهان لعملة واحدة هي “الرشوة”
والنفس البشرية هي واحدة.. لكن العفة و النزاهة و العزة هي الفارق الأعظم في حياة الناس و الأفراد ؛
نعيش الآن في وطننا حملة إنتخابية تكاد أن تتخطى عصر الجهل و المحسوبية ، و تسعى للتغيير الجذري المنشود حيث نعول على وعي الشعب أولا و على مجموعة مباركة من شابات و شباب الوطن المرشحين الذين لمسنا منهم الرغبة و الحماس في خدمة الوطن و الشعب ، و دفن ماضي الظلم و الفساد ما ظهر منه وما بطن.. فلنكن متفائلين هذه المرة و نضعهم على المحك .. ونكون قد حولنا إنتخاباتنا إلى عرس وطني .. و ينتهي بذلك و إلى الأبد عصر الردة و زمن “شوالات” السكر المسمومة.
زر الذهاب إلى الأعلى