القضاة تكتب : “المعادات” من تحت القبة… صوت الشعب ومسار الإصلاح الحقيقي
خاص لديرتنا – عمّان – كتبت رحاب القضاة
في كل اجتماع تحت قبة البرلمان الأردني، تتجه أنظار الشعب نحو ممثليه، تترقب ما ستؤول إليه مناقشاتهم وما سيُثمر عنها من قرارات. هذه القبة ليست مجرد قاعة تجمع النواب وأعضاء الحكومة، بل هي مركز الإرادة الوطنية، ومساحة اختبار حقيقية للمسؤولية والأمانة تجاه من منحوا ثقتهم لأصحاب القرار.
في كلمته ..شدد الدكتور حكم المعادات على القضايا الملحّة التي تواجه الوطن، مؤكدًا أن الأردن يدخل مئويته الثانية وسط تحديات جسيمة وأحلام كبيرة.
تحديات تفرض علينا مواجهة أزمات اقتصادية خانقة، وإصلاحات سياسية وإدارية تحتاج إلى تفعيل جاد على أرض الواقع. ومع ذلك، يظل الشعب الأردني، رغم كل الصعوبات، صامدًا ومؤمنًا بقيادته الهاشمية الحكيمة، مترقبًا قرارات جادة تترجم تطلعاته إلى خطوات ملموسة.
بين الوعود والتنفي.. لا مجال للترف السياسي
اليوم، تجد الحكومة نفسها أمام اختبار صعب: هل تملك القدرة على تحويل الخطط إلى إنجازات؟ التحدي الحقيقي ليس في إعداد الخطط بل في تنفيذها، وتحقيق نتائج ملموسة تلامس حياة المواطن بشكل مباشر.
نحن لا نفتقر إلى العقول المبدعة ولا إلى الكفاءات الوطنية، بل إلى الإرادة السياسية والإدارة الفعالة التي تربط التخطيط بالتنفيذ.
إن جلالة الملك، في خطاب التكليف السامي، أرسل رسالة واضحة: الإصلاح الحقيقي يبدأ من القاعدة، ويشمل جميع القطاعات، وهدفه الأساسي هو تحسين حياة المواطن.
الصحة والتعليم..أساس النهضة
الصحة والتعليم ليسا مجرد ملفات في أجندة الحكومة، بل هما الأساس الذي تبنى عليه الأمم. المدارس والمستشفيات ليست مجرد منشآت، بل هي عمود الحياة ومستقبل الأجيال.
أي إصلاح لا يبدأ من تحسين هذين القطاعين هو إصلاح ناقص.
يجب على الحكومة أن تدرك أن الاستثمار في التعليم والصحة ليس ترفًا، بل هو حق أساسي لكل مواطن، وركيزة للتنمية الحقيقية التي تضمن استدامة الدولة.
الشباب..كنز الوطن المهمل
الشباب الأردني هو الثروة التي لا تنضب، لكنه للأسف يُترك على الهامش، يُغلق أمامه باب الفرص، وتُقابل طموحاته ببرامج شكلية لا تقدم شيئًا.
يجب أن تكون هناك خطوات حقيقية لتمكين الشباب من المشاركة في صنع القرار، وإتاحة المجال لهم ليكونوا قادة المستقبل، لا متفرجين على القرارات المصيرية التي تحدد مآل وطنهم.
الشفافية والمحاسبة ..العمود الفقري للإصلاح
لا إصلاح بدون محاسبة، ولا عدالة بدون شفافية. الفساد هو السرطان الذي ينخر في جسد أي دولة، ويجب أن تكون الحرب عليه شاملة وصارمة.
المطلوب اليوم ليس شعارات عن مكافحة الفساد، بل خطوات جادة لإعادة الأموال العامة المسلوبة، ومعاقبة كل من استغل منصبه لتحقيق مصالح شخصية على حساب الوطن والمواطن.
فرصة الإصلاح الأخيرة
نحن اليوم أمام منعطف حاسم، إما أن نكون على قدر المسؤولية، أو أن ننحدر نحو المزيد من التراجع.
الشعب الأردني لم يعد يحتمل المزيد من الانتظار، ولم يعد لديه ثقة بوعود تُقال تحت القبة ولا تجد طريقها إلى التنفيذ.
المطلوب اليوم إرادة سياسية حقيقية، وقرارات جريئة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. يجب أن نكون مختلفين، أن نثبت للشعب أن هذه القبة ليست مجرد منصة للخطابات، بل هي المكان الذي تُصاغ فيه السياسات التي تُنقذ الوطن وتعيد بناء الثقة.
تحت القبة، لا صوت يعلو على صوت الشعب، ولا مسؤولية تعلو على مسؤولية الإصلاح.
فلنكن على قدر الأمانة، لأن التاريخ لن يرحم من خانوا ثقة هذا الشعب العظيم.