مَا لَمْ يُقَالْ فِي نَسَبِ عَائِلَةِ الْأَسَدِ
ديرتنا – عمّان
نِضَالُ الْعَضَايْلَةِ
طَوَالَ 54 عَامًا حَكَمَتْ عَائِلَةُ الْأَسَدِ سُورْيَا، مِنْهَا 29 عَامًا كَانَتْ لِلْأَسَدِ الْأَبِ ” حَافِظٍ ” وَمِنْ بَعْدِهِ نَجْلُهُ بَشَّارٌ الَّذِي حَكَمَ السُّورِيِّينَ قُرَابَةَ 24 عَامًا، كَانَتْ كَفِيلَةً بِالْوُصُولِ بِسُورْيَا الَى الْحَضِيضِ.
كَانَ سُقُوطُ عَائِلَةِ الْأَسَدِ فِي سُورْيَا مُدَوِّيًا، وَلَمْ تَعُدْ هَذِهِ الْأُسْرَةُ مَوْجُودَةً فِي دِمَشْقَ، وَهِيَ الَّتِي فَرَضَتْ حُكْمَ الْأَقَلِّيَّةِ بِيَدٍ مِنْ حَدِيدٍ، فِي مَشْهَدٍ لَمْ يَتَخَيَّلْهُ الْعَدِيدُ مِنْ السُّورِيِّينَ.
انْقَلَبَ الْأَبُ عَلَى السُّلْطَةِ، وَهَرَبَ مِنْهَا الْإِبْنُ تَحْتَ ضَرَبَاتِ الثُّوَّارِ، وَلَكِنْ، مَنْ هِيَ عَائِلَةُ الْأَسَدِ؟ وَمَا أَسْمُهَا الْحَقِيقِيُّ؟ وَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ؟.
عَائِلَةُ الْأَسَدِ كَانَ اسْمُهَا عَائِلَةَ بَهْرَزِي ثُمَّ عَائِلَةَ الْحَسَنَةِ ثُمَّ عَائِلَةَ الشُّوبَاصِي ثُمَّ عَائِلَةُ الْوَحْشِ ثُمَّ عَائِلَةُ الْأَسَدِ، وَيُوجَدُ وَثِيقَةٌ عُثْمَانِيَّةٌ لِقَرْيَةِ الْقِرْدَاحَةِ تَعُودُ لِعَامِ 1854م تَحْتَوِي عَلَى أَسْمَاءِ سُكَّانِ الْقَرْيَةِ وَلَكِنْ لَا يُوجَدُ فِيهَا أَيُّ إِسْمٍ لِأَيِّ جَدٍّ مِنْ أَجْدَادِ حَافِظِ الْأَسَدِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ سُورْيَا.
سُلَيْمَانُ بَهْرَزِي فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَكُنْ عِرَاقِيًّا أَوْ عَرَبِيًّا بَلْ كَانَتْ أُسْرَتُهُ مِنْ ضِمْنِ مِئَاتِ الْآلَافِ مِنْ الَّذِي هَاجَرُوا مِنْ بِلَادِ فَارِسَ إِلَى الْعِرَاقِ خِلَالَ الْقَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ بَعْدَ إِتْفَاقِيَّةِ السَّلَامِ بَيْنَ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ وَدَوْلَةِ فَارِسَ الْقَاجَارِيَّةِ عَامَ 1823م وَالَّتِي نَتِيجَتُهَا دَخَلَ اعْدَادٌ ضَخْمَةٌ مِنْ الْفُرْسِ وَالْكُرْدِ وَالْعَرَبِ وَالْكَاكَائِيِّينَ وَالْيَهُود إِلَى الْعِرَاقِ.
فِي عَامِ 1858م قُتِلَ إِسْمَاعِيلُ خَيْرْبِكْ عَلَى يَدِ خَالِهِ، وَأَمَّا سُلَيْمَانُ بَهْرَزِي الَّذِي أَتَى كَمُرْتَزِقٍ لِيُقَاتِلَ بِتَمَرُّدِ اسْمَاعِيلَ خَيْرْبِكْ فَقَدْ قَرَّرَ الْبَقَاءَ فِي السَّاحِلِ السُّورِيِّ وَلَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ أَرْضًا أَوْ مَنْزِلًا فَحَطَّ سُلَيْمَانُ بَهْرَزِي رِحَالَهُ فِي الْقُرْدَاحَةِ، وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ كَرِيمٌ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِبَيْتِهِ الْقَدِيمِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْتٍ مُتَوَاضِعٍ جِدًّا فِي مَدْخَلِ الْقِرْدَاحَةِ، وَتَسَارَعَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ لِمُسَاعَدَتِهِ فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ فَضْلَةُ أَثَاثٍ أَوْ كِسَاءٍ أَوْ طَعَامٍ قَدَّمُوهَا لَهُ فَأَصْبَحَتْ أُسْرَتُهُ مَعْرُوفَةً بِإِسْمِ عَائِلَةِ الْحَسَنَةِ.
فِي عَامِ 1917م وَقَعَتْ سُورْيَا تَحْتَ الْإِحْتِلَالِ الْفَرَنْسِيِّ وَقَامَتْ فَرَنْسَا بِتَسْجِيلِ اسْمَاءِ السُّكَّانِ، فَقَامَ سُلَيْمَانُ الشُّوبَاصِيِّ بِتَسْجِيلِ إِسْمِهِ بِكُنْيَةِ الْوَحْشِ وَهُوَ اللَّقَبُ الَّذِي حَمَلَهُ خِلَالَ عَمَلِهِ كَشُوبَاصِي وَذَلِكَ لِشَدَّتِهِ وَقَسْوَتِهِ، وَلَا صِحَّةَ لِلْقِصَّةِ الَّتِي تَقُولُ بِأَنَّ سَبَبَهَا إِنْتِصَارُهُ عَلَى مُصَارِعٍ تُرْكِيٍّ، وَقَامَتْ فَرَنْسَا بِتَسْجِيلِهِ مَعَ قَوَائِمِ الْعَلَوِيِّينَ.
فِي عَامِ 1927م قَامَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَحْشِ بِتَغْيِيرِ كُنْيَةِ الْعَائِلَةِ مِنْ الْوَحْشِ إِلَى الْأَسَدِ، وَهِيَ الْكُنْيَةُ الَّتِي إِعْتَمَدَهَا ابْنُهُ حَافِظُ بْنُ عَلِيِّ الْأَسَدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَحْشِ، وَالَّذِي أَصْبَحَ رَئِيسَ سُورْيَا عَامَ 1971م، وَالَّذِي وَاجَهَهُ صَدَّامُ حُسَيْنٍ عَامَ 1980م فِي مُؤْتَمَرِ الْقِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي عَمَّانَ حِينَمَا وَجَّهَ لَهُ كَلَامًا مُبَاشَرَةً بِأَنَّ حَافِظَ الْأَسَدِ لَا يَعْرِفُ إِسْمَ جَدِّهِ الْحَقِيقِيَّ الَّذِي كَانَ قَبْلَ سُلَيْمَانَ وَفِي أَنَّ جَدَّ حَافِظِ الْأَسَدِ كَانَ مِنْ التَّابِعِيَّةِ الْإِيرَانِيَّةِ الَّتِي إِسْتَقَرَّتْ فِي الْعِرَاقِ.
وَحَتَّى فِي كِتَابِ مُذَكِّرَاتِ حَافِظِ الْأَسَدِ الَّتِي كَتَبَهَا بَاتْرِيكْ سِيلْ بِإِشْرَافِ حَافِظِ الْأَسَدِ لَمْ يَذْكُرْ حَافِظُ الْأَسَدِ أَيَّ جَدٍّ لَهُ وُلِدَ قَبْلَ سُلَيْمَانَ الْوَحْشِ، بَلْ اكْتَفَى بِذِكْرِ قِصَّةِ الْمَصَارِعِ ، فَلَا يُوجَدُ أَيُّ إِسْمٍ قَبْلَ سُلَيْمَانَ الْوَحْشِ جَدٍّ مَذْكُورٍ فِي مُذَكِّرَاتِ حَافِظِ الْأَسَدِ الرَّسْمِيَّةِ.
وَفِي شَهَادَةٍ لِلْمُؤَرِّخِ عِزِّ الدِّينِ رَسُولٍ ذَكَرَ بِأَنَّ ” جَمِيلَ الْأَسَدِ قَالَ بِأَنَّهُمْ كَاكَائِيَّةٌ مِنْ خَانْقِينَ “، وَمِنْ الْمَعْرُوفِ أَنَّ بَهْرَزَ قَرِيبَةٌ مِنْ خَانْقِينَ وَأَنَّ الْكَاكَائِيَّةَ قَدْ أَتَوْا مِنْ إِيرَانَ وَإِلَى الْيَوْمِ أَغْلَبُهُمْ فِي إِيرَانَ “، وَكَمَا أَنَّ جَمِيلَ الْأَسَدِ أَسَّسَ عَامَ 1981م جَمْعِيَّةَ الْمُرْتَضَى الشِّيعِيَّةَ التَّابِعَةَ لِإِيرَانَ، وَلَا نَنْسَى قِيَامَ حَافِظِ الْأَسَدِ رَغْمَ أَنَّهُ يَدَّعِي الْعُرُوبَةَ وَالْبَعْثِيَّةَ بِدَعْمِ إِيرَانَ فِي حَرْبِهَا ضِدَّ الْعِرَاقِ الْعَرَبِيِّ وَالْبَعْثِيِّ، ثُمَّ قِيَامِ ابْنِهِ بَشَّارِ الْأَسَدِ بِجَلْبِ الْإِحْتِلَال الْإِيرَانِيُّ لِسُورْيَا بَعْدَ ثَوْرَتِهَا عَامَ 2011م .