يا للهول…رئيس الوزراء يقود السيارة بنفسه… وماذا بعد؟
خاص لـ ديرتنا – عمّان – كتبت رحاب القضاة
“خبر عاجل: رئيس الوزراء جعفر حسان شوهد يقود سيارته بنفسه صباحًا متوجهًا للنادي الرياضي… بدون حراسات!”
صراحة، شعرت بأن هذا الخبر سيغير مجرى التاريخ. كأن الأرض توقفت للحظة وقررت أن تأخذ نفسًا عميقًا قبل أن تستوعب الحدث الجلل. رئيس وزراء يقود سيارة؟ بنفسه؟ بدون حرس؟! ..يا للهول ! ..يا جماعة، أين كنا نحن عندما حصل هذا الزلزال السياسي؟
في البداية، تذكرت قصة قريبي “أبو سعيد”، الرجل الذي قرر ذات يوم أن يخرج من البيت بلا عقال. نعم، بلا عقال! كان حدثًا كارثيًا في الحي، حتى أن “أم سعيد” خرجت وراءه وهي تصرخ: “وين رايح بلا عقال؟ الناس شو بدها تحكي عنا؟!”. جلس كبار الحي يناقشون الموضوع لثلاثة أيام متتالية، وكأن غياب العقال سيقلب موازين الكون.
نفس الإحساس انتابني وأنا أقرأ هذا الخبر. رئيس وزراء يقود سيارة بنفسه؟! ماذا سنخبر الأجيال القادمة؟ كيف سنشرح لهم هذه الظاهرة الغريبة؟ هل كنا بحاجة لأن يقودها بجهاز تحكم عن بُعد حتى نقتنع؟
ثم يأتي السؤال العميق: لماذا؟ لماذا قرر أن يقود السيارة بنفسه؟ هل هي رسالة سياسية؟ هل يريد أن يقول إنه متواضع؟ أم أنه ببساطة استمتع بحقيقة أنه يستطيع تغيير المحطات الإذاعية بلا استشارة مجلس الوزراء؟
في الدول المجاورة، الوزير أو المحافظ لا يتحرك إلا بموكب يجعل أحياء بأكملها تبدو كأنها تحت الغزو. سيارات سوداء بزجاج داكن، دراجات نارية، زوامير، وحراسة مشددة كأنهم ينقلون ذهبًا من البنك المركزي. أما عندنا؟ رئيس الوزراء يذهب للنادي الرياضي كأي شخص عادي.
ولكن انتظر، ماذا لو قرر هذا الاتجاه أن يتحول إلى عادة؟ ماذا لو أصبح من الطبيعي أن يذهب المسؤولون لدينا للسوق، أو للدوائر الحكومية، أو حتى يقفون في الطابور لشراء “كنافة”؟ هل هذا هو المستقبل الذي نريده؟ أن يتحول المسؤول من أسطورة إلى إنسان عادي؟… هنا لا إنتقد الفعل ، فهذا شأن شخصي لا نتدخل به ، لكن أنتقد التركيز على نشر الخبر وترويجه بشكل واسع وبهذا الشكل ..!
في النهاية، لا يسعنا إلا أن نقدم التحية لرئيس الوزراء، ليس لأنه يقود سيارته بنفسه، بل لأنه ذكرنا بقصة “أبو سعيد” والعقال، وكم نحن بارعون في تحويل أبسط الأمور إلى قضايا كونية. ولكن، رجاءً، إذا قرر رئيس الوزراء يومًا أن يذهب للغداء في مطعم شعبي، أخبرونا مقدمًا لنجهز أنفسنا لصدمة جديدة!
*حقوق النشر محفوظة ..يُسمح بالنقل والإقتباس شريطة الإشارة للمصدر “ديرتنا الإخبارية” ولإسم الكاتبة رحاب القضاة