مقالات
القضاة تكتب: حيث تُولد الرسائل الإلهية..بعضا من رسائل أردنية للأهل في غزة – فيديو

خاص لـ ديرتنا – عمّان – كتبت رحاب القضاة
من قاعدة الملك عبدالله الثاني الجوية، حيث لامست أجنحة الطائرات السحابَ قبل الأرض، انطلقت المروحيات كحمامات سلام تحمل في طياتها
**نبضات قلوب أردنية**
وعبق تراب الكرك الذي علَّمنا معنى الانتماء.
لم تكن الرحلة مجرد مهمة، بل كانت
**عهداً بين السماء والأرض**
بأن الأردن سيظل درعاً لأشقائه، حتى لو كلفه الأمر دماء أبنائه.
ارتفعنا عالياً، فبدت لنا “مقبرة سحاب”
كأنها مملكة صامتة
تُذكِّرنا بأن العودة إلى تراب الوطن حتمية.
وهمسنا للغيوم: “قولوا لأجدادنا تحت التراب.. إننا نحمل رسالتكم، ولن نخذلَ دماءكم”.
كانت كل قطرة ندى على زجاج الطائرة تُشبه دمعة أُمٍّ في غزة
ثم وصلنا مادبا
مدينة الحب التي علَّمتنا أن السلام يبدأ بابتسامة
مررنا فوق المدينة التي تُشبه لوحة فسيفساء ملوَّنة بالحب.
**السلام يبدأ بيد ممدودة وقلب مفتوح**.
هذه أرضنا.. أرض من تُمسح جراحها بالياسمين”. همسنا لها: “ستظلين جنَّتنا الصغيرة.. فأنتِ البداية والنهاية”
**اما الكرك الحكاية التى لم تُكتَب بعد**
حلّقنا فوق الكرك، المدينة التي تُشبه قلعةً منحوتةً من صخور التاريخ.
هنا، حيث تربى الرجال على
**دماء الشهداء وحليب الأمهات**.
كل حجر في قلعتها يهمس: “مَن أنتم إلا ذرية من دافعوا عن هذه الأرض بلا رجعة؟”.
تذكرنا بجدّنا الذي كان يقول: “الكرك ليست مكاناً.. الكرك وجعٌ في القلب لا يشفى”.
**جمالٌ يُشبه الحنين إلى الأم**
تأملنا الأغوار من الأعلى، فبدت كطفلة نائمة تحت لحاف من الزيتون.
كبرنا لنفهم أن جمالها ليس في خضرتها، بل في
**صمودها الذي يُشبه صمود النساء في غزة**.
همسنا لها: “لا تخافي.. سنحميكِ كما تحميننا، سنظلُّ أوتاداً في هذه الأرض حتى لو اقتلعونا”.
لكل القصص تفاصيل صغيرة ومن يحُب الحياة يلتفت لها بعناية وبحبٍ وليس من اجل أن يكون دقيقاً .
** رفاق الرحلة: عائلة اختارتها لنا الأقدار**
في زاوية الطائرة، جلسوا .. رجالاً تحوَّلت وجوههم إلى خريطة للتعب، لكن قلوبهم كانت كالشموع تُنير الظلام.
قالوا لنا قبل الإقلاع:
**”إذا شعرتِ بالتعب فقط ضعي يدكِ على كتفي فالإنسان لا يخاف ولايتعب الا حين يكون معه أخوه فيشعر أن تعبه او خوفه في أمان “**.
حتى في اللحظات التي اهتزت فيها الطائرة، كانوا يبتسمون: “لا تقلقي.. “
من القلب إلى القلب
إلى كُل أمٍّ في غزة:
“عندما تلمسين الأرزَ الذي أرسلناه، اعلمي أن يداً أردنيةً احتضنت كل حبة.. ودمعةً أردنيةً اختلطت بها”.
إلى طفلٍ يبحث عن دواء:
“كل علبة دواءٍ هي رسالة من جَدٍّ في الكرك يقول لك: عِشْ كي تُكمل مسيرتنا”.
إلى كل صامد تحت الركام:
“نحن هنا.. سنحفر بأيدينا فأنت لست وحدك”.
أنا في العودة
**دموع تُزرع في حقل الذكريات**
عندما عدنا، وفي قلوبنا دموع سنعود إليكم.. سنعود حتى لو حملتنا السحاب”.
نظرنا إلى بعضنا في صمت.. عيونٌ تقول ما لا تستطيع الكلمات حمله.
همس أحد الزملاء: “اليوم، كبرنا أكثر.. لأننا عشنا معنى أن تكون إنساناً”.
الحب لا يُقاس بالكيلومترات
وأن الإنسانية لا تعرف حدوداً.
من كُلِ مدينة في الأردن حلقت الطائرات فوقها رسالة إلى غزة.. أسماء تُكتب بحروف من نور في سفر الوطن.
سنظل نحمل الرسالة، سنظل ننقل الأمل.. لأن الأردن وطنٌ لا يعرف المستحيل.