الحجاج يكتب: عندما تكون الأردن في المعادلة… فاختياري واضح

خاص لـ ديرتنا – عمّان / العقبة – كتب معمر الحجاج:
تابعت كما تابع كثير من الأردنيين البيان الذي أصدرته حركة حماس تعليقًا على إعلان المملكة عن إحباط مخطط إرهابي على أراضيها، وهو بيان بدا للوهلة الأولى وكأنه دفاع عن “أنصار القضية”، لكنه في الحقيقة كان مليئًا بالتناقضات ومحاولات التبرير المكشوفة.
شعرت، كأردني، أن هذا البيان لم يكن مجرد رد سياسي، بل كان إساءة مبطّنة للأردن، واختبارًا لوعي الشعب الأردني وولائه، وكأننا أمام معادلة لا بد فيها من اختيار واحد: إمّا أن نُسكت عقولنا ونبرر تحت شعار “نصرة فلسطين”، أو أن نُتّهم بالتخاذل. وهنا أقولها بوضوح: عندما يكون الأردن طرفًا في المعادلة، لا خيار لدي إلا أن أختار الأردن.
نحن في الأردن لم نكن يومًا خصمًا لغزة، ولا حملنا يومًا عداوة لفلسطين، بل كنا، وما زلنا، من أشد الداعمين لها إنسانيًا وشعبيًا وسياسيًا. قدمنا المساعدات، فتحنا المستشفيات، وخرجت جموعنا تهتف لغزة من القلب. لكن أن تُردّ هذه المواقف النبيلة باتهامات مستترة، ومحاولات لتبرير نشاطات تمس أمن الدولة وسيادتها، فهذا ما لا يمكن القبول به.
الأردن دولة قانون ومؤسسات. لا يعمل بردات الفعل ولا يطلق الأحكام جزافًا. من يُقبض عليه في الأردن لا يُدان على النوايا، بل على الأفعال. ومن كان بريئًا فليُظهر براءته أمام القضاء، لا عبر بيانات التجييش العاطفي.
بيان حماس لم يحمل أي إدانة واضحة لما نُسب إلى المجموعة المقبوض عليها، ولم يعبّر عن أي احترام حقيقي لسيادة الأردن أو أجهزته الأمنية. بل ذهب نحو تبرير مريب، يُفهم منه أن حيازة المتفجرات وتصنيع الطائرات المسيّرة قد يكون مباحًا إذا ما جرى تحت شعار “نصرة فلسطين”.
لكن الحقيقة التي يجب أن تكون واضحة للجميع أن دعم فلسطين لا يتناقض مع الحفاظ على أمن الأردن، وأن مقاومة الاحتلال لا تمنح أحدًا الحق بتهديد استقرار دولة أخرى.
أنا وغيري من الأردنيين، نعرف تمامًا من نكون، وما هي أولوياتنا. نحن شعب يحب فلسطين، لكنه يعشق تراب الأردن. نغضب لغزة، لكن لا نقبل أن يُستغل غضبنا لتمرير مشاريع لا نعلم إلى أين تقودنا.
رسالتي لحماس واضحة: الأردن ليس حديقة خلفية لأحد، وليس ساحة لتصفية الحسابات. الأردن بلدٌ قوي، حكيم، وصبور. لكنه لا يساوم على أمنه، ولا يتهاون مع من يعبث باستقراره.
واليوم، واجبنا أن نلتف جميعًا حول وطننا. نرفض التهوين من الخطر، ونتكاتف خلف مؤسساتنا وأجهزتنا. لأننا نعلم أن لا أمن لفلسطين إن انهار أمن الأردن، ولا نُصرة حقيقية للقضية إذا ما سقطت عواصم العرب واحدة تلو الأخرى.
نقولها بالفم الملآن: عندما تكون الأردن جزءًا من المعادلة… كل أردني سيختار الأردن