شم النسيم…حين تزهر الروح وتتنفس الأرض

خاص لـ ديرتنا نيوز – عمّان – كتبت رحاب القضاة
في زاوية من الذاكرة المصرية، يقف عيد شم النسيم كأغنية قديمة لا تُنسى، كلما مرّت
أعادت إلى القلب دفء الربيع، ووشوشات الجدات، وضحكات الأطفال.
إنه العيد الذي لا يصيح بصوت عالٍ، بل يهمس كعطر ناعم في صباحٍ دافئ، يوقظ الوجدان قبل الشمس.
هذه حكاية عمرها آلاف السنين
شم النسيم ليس مجرد طقس موسمي، بل طقس إنساني عميق. عرفه الفراعنة يوم ظنوا أن الحياة تبدأ حين تتفتح زهرة اللوتس، وتخرج الروح من عباءة الشتاء لتغسل نفسها بندى الربيع.
ومنذ ذلك الحين، ونحن نفتح نوافذنا لهذا اليوم كما نفتح قلوبنا؛ نستقبله بضحكة، ونتنفسه كدعاء.
ومن الـتفاصيل تُصنع بهجة الوطن
من رائحة الفسيخ التي تتسلل برفق إلى حكايا الجدات عن زمانٍ كانت فيه البيوت مفتوحة والقلوب أكثر دفئًا، إلى البيض الملوَّن الذي لا يملّ الأطفال من الرسم عليه، وكأنهم يرسمون الحياة من جديد. ومن البصل الأخضر الذي يحمله الكبار كما لو كان تعويذة ضد المرض، إلى الحدائق التي تفيض بالناس كما لو كانت الأم الحنون التي تستقبل أبناءها بعد طول غياب.
هذا العيد الذي لا يطلب الكثير
في شم النسيم، لا نحتاج إلى زينة مُبهرة أو مواكب استعراضية. نحتاج فقط إلى بعض الخُضرة، نسمة صافية، قلوب نقيّة، ورغيف خبز يتقاسمه من يحبون بعضهم بصدق.
هو عيد البسطاء، الذين يعرفون كيف يجعلون من التفاصيل الصغيرة حياة كاملة.
تذكَّر، أن شم النسيم ليس فقط موسماً من الفرح، بل فرصة. فرصة لتسامح لتبدأ من جديد، لتقول لمن تحب: “ها أنا أتنفسك كما أتنفس هذا العيد خفيفًا على قلبي، كزهرة تتفتح كل ربيع.”
ولا تنسَ أن تقول للحياة: “شكرًا لأنك لا تزالين تعطينا أسبابًا للفرح حتى في أبسط الأشياء.
إلى الشعب المصري العظيم… في شم النسيم، كل زهرة تُزهر من قلوبكم
يا شعبًا يحمل الربيع في ملامحه،
ويسقي الأرض بضحكته،
كل عام وأنتم بخير…
وأنتم ترسمون الفرح في عيون الوطن
وتلونون الأيام كما تُلونون البيض، ببساطةٍ تُدهش القلب.
في شم النسيم،
تزهر مصر كما لو أنها عروس في حفل الحياة
تخرج ببياض قلوب أهلها،
وبخُضرة أرواحهم،
وبرائحة البصل الأخضر الذي يعرف طريقه إلى الطمأنينة.
لكم من القلب سلام،
ولأمهاتكم دعاء يشبه النسيم: دافئ، حنون، لا يُنسى.
كل عام وأنتم نكهة الفسيخ التي لا تشبه غيرها،
ورائحة الأرض بعد المطر،
وضحكة الجدّة وهي تحكي عن “أول شم نسيم” خرجت فيه شابة على ضفاف النيل.
مصر الحبيبة… كل شم نسيم وأنتِ بخير،
وشعبك في القلب، ربيعٌ لا يذبل …