اعلى الصفحةالرئيسي

25 الشهر المقبل البدء بتطبيق قانون التنفيذ المعدل وعدم حبس المدين بالأردن

ديرتنا – عمّان – رصد – يبدأ الأردن بتطبيق المادة (22) من قانون التنفيذ المعدل لعام 2022 اعتبارًا من 25 حزيران المقبل، في خطوة تشريعية حاسمة نحو تطوير أدوات التعامل مع القضايا المالية، وتحقيق توازن عادل بين حماية الدائن وحقوق المدين. وتُعد هذه التعديلات بمثابة نقلة نوعية في التشريع الأردني، لما تحمله من روح إنسانية تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتُخرج العمل القانوني من دائرة العقوبات الجسدية إلى المساءلة المدنية الفاعلة.

القانون المعدل يُلغي عقوبة الحبس في القضايا المالية الناتجة عن العقود المدنية والتجارية، باستثناء الإيجارات العقارية والديون العمالية، ويرتكز في فلسفته على منح الفرصة للمدين للاستمرار في عمله وتأمين دخله، بدلاً من حبسه وتعطيل قدرته على الوفاء بالتزاماته. وهذا من شأنه أن يُعزز الاقتصاد من خلال دعم دَورة العمل والإنتاج، مع الحفاظ على النسيج الأسري والاجتماعي للمدين، الذي غالباً ما يكون معيلًا لأسرته.

ويستند القانون إلى مبدأ دستوري وإنساني يؤكد أن الحبس لا يكون إلا مقابل جرم، لا مجرد عجز عن السداد، ويتماشى مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحظر الحبس لمجرد عدم الوفاء بالتزامات تعاقدية. ولهذا، يُنظر إلى التعديل كخطوة شجاعة تتناغم مع التشريعات الحديثة وتقلل من الاكتظاظ في مراكز الإصلاح، وتخفف الأعباء المالية والإدارية على الدولة.

وفي الوقت الذي يُثمن فيه القانونيون والحقوقيون الاتجاه نحو البدائل المدنية كالحجز على الأموال ومنع السفر، فإنهم يُحذرون من المبالغة في تطبيق ما يسمى بـ”الإعدام المدني”، الذي يتضمن تقييد المدين من تنفيذ معاملات ضرورية كإصدار الوثائق الرسمية أو فتح حساب بنكي أو حتى تجديد الرخص، إذ يرون أن مثل هذه العقوبات قد تُفاقم الأزمة بدلاً من حلها، وتُعيق المدين من اتخاذ خطوات عملية قد تُمكنه من تسوية ديونه. فالحرمان من هذه الخدمات الأساسية قد يمنعه من العمل، أو السفر للعلاج أو لتحصيل رزقه، مما يُكرّس الإعسار بدلاً من معالجته.

الخبراء يؤكدون أن الحل لا يكمن في إضعاف المدين، بل في تفعيل أدوات قانونية ذكية ومرنة تتيح تحصيل الحقوق دون انتهاك الكرامة الإنسانية أو عرقلة فرص إعادة الدمج الاقتصادي. ولذلك، يُشكل القانون المعدل بارقة أمل في إعادة صياغة العلاقة بين الدائن والمدين بطريقة عادلة، تحفظ حق الطرفين، وتفتح الباب نحو حلول مستدامة تقوم على التفاهم والتسوية لا العقوبة والإقصاء.

ومن هذا المنطلق، فإن نجاح القانون يعتمد على التوعية المجتمعية، وتطوير أدوات التقاضي والتنفيذ، وتعزيز ثقافة التعاقد المسؤول والضمانات المتوازنة، بحيث تُصبح العدالة أداةً للبناء لا للهدم، وللحل لا للتعقيد.

زر الذهاب إلى الأعلى